مظلوم!! كلّ ذلك حفاظاً منهما على كرامة أبي بكر ، فلا مراعاة للأمانة في النقل ، ولا لصدق الأحاديث التي كانت تكشف عن عورات الخلفاء ، وتزيل الأكاذيب والحجب التي نمّقها الأمويون وأنصار الخلافة الراشدة ، ولو كان ذلك على حساب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم نفسه أو بضعته الزّهراء سلام الله عليها!!
ومن أجل ذلك حاز البخاري ومسلم على زعامة المحدّثين عند أهل السنّة والجماعة ، واعتبروا كتبهما أصحّ الكتب بعد كتاب الله ، وهذا تلفيق لا يقوم على دليل علمي ، وسنبحثه إن شاء الله في باب مستقل حتّى نكشف الحقيقة لمن يريد معرفتها.
ومع ذلك فإننا نُناقش البخاري ومسلم اللّذين أخرجا في فضائل فاطمة الزهراء عليهاالسلام الشيء اليسير ، ولكن فيه ما يكفي لإدانة أبي بكر الذي عرف الزهراء وقيمتها عند الله ورسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم أكثر ممّا عرفه البخاري ومسلم ، ومع ذلك كذّبها ولم يقبل شهادتها ، وشهادة بعلها الذي قال فيه رسول الله : « علىّ مع الحقّ والحقّ مع علىّ يدور معه حيث دار » (١) ولنكتفِ بشهادة البخاري وشهادة مسلم في ما أقرّه صاحب الرّسالة صلىاللهعليهوآلهوسلم ، في فضل بضعته الزهراء.
أخرج مسلم في صحيحه الجزء السّابع باب فضائل أهل البيت ، قالت عائشة : خرج النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم غداة وعليه مرط مرحل من شعر أسود ، فجاء الحسن بن علي فأدخله ، ثمّ جاء الحسين فدخل معه ، ثمّ جاءت فاطمة
____________
(١) راجع باختلاف ألفاظه تاريخ بغداد ١٤ : ٣٢٢ ح ٧٦٤٣ ، تاريخ دمشق ٤٢ : ٤٤٩ ، الإمامة والسياسة ١ : ٩٨.