إذاً ، ليس بالغريب أن يقوم أبو بكر وحكومته بقتل المسلمين الأبرياء ، وانتهاك حرماتهم ، وسبي نسائهم وذريتهم ، وقد ذكر المؤرّخون بأنّ أبا بكر بعث بخالد بن الوليد فأحرق قبيلة بني سليم (١) ، وبعثه إلى اليمامة ، وإلى بني تميم وقتلهم غدراً بعدما كتّفهم ، وضرب أعناقهم صبراً ، وقتل مالك بن نويرة الصّحابي الجليل الذي ولاّه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على صدقات قومه ثقة به ، ودخل بزوجته في ليلة قتل زوجها (٢) ، فلا حول ولا قوّة إلاّ بالله العلي العظيم.
وما ذنب مالك وقومه إلاّ أنّهم لمّا سمعوا بما حدث من أحداث بعد موت النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وما وقع من إبعاد عليّ وظلم الزّهراء حتى ماتت غاضبة عليهم ، وكذلك مخالفة سيّد الأنصار سعد بن عبادة وخروجه عن بيعتهم ، وما تناقله العرب من أخبار تُشكّك في صحّة البيعة لأبي بكر ، لكلّ ذلك تريّث مالك وقومه لإعطاء الزّكاة ، فكان الحكم الصّادر من الخليفة وأنصاره بقتلهم ، وسبي نسائهم وذريتهم ، وانتهاك حرماتهم ، وإخماد أنفاسهم ، حتّى لا يتفشّى في العرب رأي للمعارضة أو المناقشة في أمر الخلافة.
والمؤسف حقّاً أنّك تجد من يدافع عن أبي بكر وحكومته ، بل ويصحّح أخطاءه التي اعترف هُوَ بها (٣) ، ويقول كقول عمر : والله ما هو إلاّ أن رأيتُ أن قد شرح الله صدر أبي بكر للقتال ، فعرفتُ أنّه الحقّ.
____________
(١) سير أعلام النبلاء للذهبي ١ : ٣٧٢ ، الرياض النضرة ١ : ١٢٩ ح ٣٠٢.
(٢) تاريخ الطبري ٢ : ٥٠٤ ، أُسد الغابة ٤ : ٢٩٦ ، البداية والنهاية ٦ : ٣٥٥.
(٣) عندما اعتذر لأخي مالك متمم وأعطاه ديّة مالك من بيت مال المسلمين وقال : إنّ خالداً تأوّل فأخطأ ( المؤلّف ).