بدّاً من نسبة الارتداد إليهم; لأنهم عرفوا أن سبابُ المسلم فسوقٌ وقتاله كفرٌ ، كما جاء في صحاح أهل السنّة (١).
وحتّى إنّ البخاري عندما أخرج حديث أبي بكر وقوله : « والله لأقتلن من فرّق بين الصلاة والزكاة » (٢) جعلَ له باباً بعنوان : من أبى قبول الفرائض وما نُسِبُوا إلى الردّة ، وهو دليل على أنّ البخاري نفسه لا يعتقد بردّتهم ( كما لا يخفى ).
وحاول البعض الآخر تأويل الحديث كما تأوّله أبو بكر : بأنّ الزكاة هي حقّ المال ، وهو تأويل في غير محلّه.
أوّلا : لأنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حرّم قتل من قال : لا إله إلاّ الله فقط ، وفي ذلك أحاديث كثيرة أثبتتها الصّحاح سنُوافيك بها.
ثانياً : لو كانت الزكاة حقّ المال ، فإنّ الحديث يُبيح في هذه الحالة أن يأخذ الحاكم الشرعي الزكاة بالقوّة من مانعها بدون قتله وسفك دمه.
ثالثاً : لو كان هذا التأويل صحيحاً لقاتل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ثعلبة الذي امتنع عن أداء الزكاة له ( القصّة معروفة لا داعي لذكرها ) (٣).
رابعاً : إليك ما أثبتته الصّحاح في حرمة من قال : لا إله إلاّ الله ، وسأقتصر على البخاري ومسلم ، وعلى بعض الأحاديث روماً للاختصار.
____________
(١) صحيح البخاري ١ : ١٧ كتاب الإيمان ، باب خوف المؤمن من أن يحبط عمله وهو لا يشعر ، وصحيح مسلم ١ : ٥٨ كتاب الإيمان ، باب قول النبي : سباب المسلم فسوق وقتاله كفر.
(٢) صحيح البخاري ٨ : ٥٠ ، كتاب استتابة المرتدين.
(٣) راجع كتاب « ثمّ اهتديت » : ١٨٣ ، نشر مؤسسة الفجر لندن ( المؤلّف ).