فقد نقل البخاري في صحيحه في كتاب العلم ، باب كيف يقبض العلم قال : وكتب عمر بن عبد العزيز إلى أبي بكر بن حزم : أنظر ما كان من حديث رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فاكتبه ، فإنّي خفتُ دروس العلم وذهاب العلماء ، ولا يقبل إلاّ حديث النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وليفشوا العلم ، وليجلسوا حتّى يُعلَّمَ من لا يعلمُ ، فإنّ العلمَ لا يهلكُ حتّى يكون سرّاً.
فهذا أبو بكر يخطب في النّاس بعد وفاة النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قائلا لهم : إنّكم تحدّثون عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أحاديث تختلفون فيها ، والنّاس بعدكم أشدّ اختلافاً ، فلا تحدّثوا عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم شيئاً ، فمن سألكم فقولوا : بيننا وبينكم كتاب الله ، فاستحلّوا حلاله وحرّمواحرامه (١).
عجيبٌ والله أمر أبي بكر! ها هو وبعد أيام قلائل من ذلك اليوم المشـؤوم الذي سُمِّيَ برزيّة يوم الخميس ، يُوافق ما قاله صاحبه عمر بن الخطّاب بالضّـبط عندما قال : إنّ رسول الله يهجر وحسبنا كتاب الله يكفينا!!
وها هو يقول : لا تُحدّثوا عن رسول الله شيئاً ، فمن سألكم فقولوا : بيننا وبينكم كتاب الله فاستحلّوا حلاله وحرّموا حرامه.
والحمد لله على اعترافه صراحة بأنّهم نبذوا سنّة نبيّهم وراء ظهورهم ، وكانت عندهم نسياً منسياً!!
والسّؤال هنا إلى أهل السنّة والجماعة الذين يدافعون عن أبي بكر وعمر ، ويعتبرانهما أفضل الخلق بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فإذا كانت صحاحكم كما تعتقدون تروي بأنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : « تركت فيكم خليفتين ما إن
____________
(١) تذكرة الحفاظ للذهبي ١ : ٣.