تمسكتم بهما لن تضلّوا أبداً : كتاب الله وسُنَّتي » ـ على فرض أنّنا سلّمنا بصحّة هذا الحديث ـ فما بال أفضل الخلق عندكم يرفضان السنّة ، ولا يقيمان لها وزناً ، بلْ ويمنعان النّاس من كتابتها والتحدّث بها؟! وهل من سائل يسأل أبا بكر في أيّ آية وجدَ قتال المسلمين الذين يمنعون الزكاة ، وسبي نسائهم وذراريهم؟!
فكتاب الله الذي بيننا وبين أبي بكر يقول في حقّ مانعي الزكاة : ( وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ * فَأعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أخْلَفُوا اللّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ) (١).
وباتفاق جميع المفسّرين ، فإنّ هذه الآيات نزلت بخصوص ثعلبة الذي منع الزكاة على عهد النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أضف إلى ذلك بأنّ ثعلبة منع الزكاة ، وامتنع من أدائها إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم، لأنّه أنكرها وقال هي جزية (٢).
وقد شهد الله في هذه الآيات على نفاقه ، ومع ذلك فالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يقاتله ، ولم يأخذ أمواله بالقوة ، وكان قـادراً على كلّ ذلك ، أمّا مالك بن نويرة وقومه فلم ينكروا الزكاة كفرض من فروض الدّين ، وإنّما أنكروا الخليفة الذي استولى على الخلافة بعد الرسول بالقوة والقهر ، وانتهاز الفرصة.
ثمّ إنّ أمْر أبي بكر أغرب وأعجب عندما نبذ كتاب الله وراء ظهره ، وقد
____________
(١) التوبة : ٧٥ ـ ٧٧.
(٢) تفسير الطبري ١٠ : ٢٤٢ ، تفسير ابن كثير ٢ : ٣٨٨ ، زاد المسير لابن الجوزي ٣ : ٣٢١.