باجتهاداتهم ، ولكنّ من يدّعون العلم يخوّفونهم بأنّ الشيعة عندهم كل شيء حلال.
وأتذكّر بأن أحدهم جادلني مرّة بالحُسنى وسألني : إذا كان سيّدنا عمر ابن الخطّاب ( رضي الله عنه ) بدّل حكم الله في هذه القضية وفي غيرها ، ووافق الصّحابة على ذلك ، فلماذا لم يعارض سيّدنا علي كرّم الله وجهه ورضي الله عنه ، ولم ينكر على سيّدنا عمر؟ وأجبته بجواب الإمام علي عليهالسلام عندما قالت قريش : بأنّه رجلٌ شجاعٌ ، ولكن لا علم له بالحرب ، فقال :
« للّه أبوهم! وهل أحدٌ منهم أشدُّ لها مراساً ، وأقدم فيها مقاماً منّي! لقد نهضتُ فيها وما بلغتُ العشرين ، وها أنذا قد ذرفت على السّتين ، ولكن لا رَأْيَ لمن لا يُـطَـاع » (١).
نعم ، وهل استمع المسلمون لرأي علي غير شيعته الذين آمنوا بإمامته ، فقد عارض تحريم المتعة ، وعارض بدعة التراويح ، وعارض كلّ الأحكام التي غيّرها أبو بكر وعمر وعثمان ، ولكن بقيت آراؤه محصورة في أتباعه وشيعته ، أمّا غيرهم من المسلمين فقد حاربوه ولعنوه ، وحاولوا جهدهم القضاء عليه ومحو ذكره.
ولا أدلَّ على معارضته من موقفه العظيم البطولي عندما دعاه عبد الرحمن بن عوف الذي رشّحوه لاختيار الخليفة بعد موت عمر فاشترط عليه ـ بعد أن اختاره ليكون هو الخليفة ـ أن يحكم فيها بسنّة الخليفتين أبو
____________
(١) نهج البلاغة ١ : ٧٠ ، الخطبة ٢٧.