ابن عبّاس ، قال : فرض الله الصلاة على لسان نبيّكم صلىاللهعليهوآلهوسلم في الحضر أربعاً ، وفي السّفر ركعتين ، وفي الخوف ركعة.
كما أخرج مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال أو ثلاثة فراسخ صلّى ركعتين.
وعنه أيضاً قال : خرجنا مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من المدينة إلى مكّة ، فصلّى ركعتين ركعتين حتّى رجع ، قلتُ : كم أقام بمكّة؟ قال : عشراً (١).
ومن خلال هذه الأحاديث التي أخرجها مسلم في صحيحه ، يتبيّن لنا بأنّ الآية الكريمة التي نزلت بخصوص تقصير الصّلاة في السّفر ، فهم منها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وفسّرها قولا وعملا بأنّها رخصة تصدّق الله بها على المسلمين ويجب قبولها.
وبهذا تبطل دعوى الدواليبي ومن كان على شاكلته في التماس العذر لعمر وتصحيح أخطائه ، بأنّه نظر إلى علّة الحكم ولم ينظر إلى ظاهره; لأنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم علّمه بمناسبة نزول آية قصر الصّلاة عندما تعجّبَ عمر ، بأنّ النّصوص الثابتة لا تتوقّفُ على علّتها ، وبذلك تقصرُ الصّلاةُ في السّفر ، ولو أمِنَ النّاسُ ولم يخافوا أن يفتنهم الذين كفروا ، ولكن عمر له رأي آخر غير الذي يرتئيه الدواليبي وعلماء أهل السنّة بحسن ظنّهم.
ولننظر إلى عثمان بن عفّان ، فلا بدّ له هو الآخر أن يجتهدَ في النّصوص القرآنية والنبويّة حتّى يلحق بركب الخلفاء الرّاشدين ، فما أن استتبّ له الأمر حتّى أتمَّ الصّلاة في السّفر ، وأبدلها بأربع ركعات عوض ركعتين!!
____________
(١) صحيح مسلم ٢ : ١٤٢ ـ ١٤٥ كتاب صلاة المسافرين.