وكم بقيتُ أتساءل عن السّبب في تغيير هذه الفريضة والزّيادة فيها ، وما هي الدوافع لذلك ، ولم أرَ إلاّ أنّه أرادَ أن يوهم النّاس وبالخصوص بني أُميّة بأنّه أبرّ وأتقى لله من محمّد وأبي بكر وعمر.
فقد أخرج مسلم في صحيحه في باب صلاة المسافرين وقصر الصّلاة بمنى ، قال : عن سالم بن عبد الله ، عن أبيه ، عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه صلّى صلاة المسافر بمنى وغيره ركعتين ، وأبو بكر وعمر وعثمانُ ركعتين صدْراً من خلافته ، ثمّ أتمّها أربعاً (١).
كما جاء في صحيح مسلم أيضاً أنّ الزّهري قال : قلتُ لعروة : ما بالُ عائشة تُتمُّ في السّفر؟ قال : إنّها تأوّلتْ كما تأوّلَ عثمان (٢).
وهكذا يصبح دين الله بأحكامه ونصوصه خاضعاً لتأوّل المتأولين وتفسير المفسّرين.
( ب ) كما أنّ عثمان اجتهد برأيه لتأييد ما ذهب إليه عمر من تحريم متعة الحجّ أيضاً كما حرّم متعة النساء ، فقد أخرج البخاري في صحيحه من كتاب الحجّ في باب التمتّع والإقران ، عن مروان بن الحكم قال : شهدْتُ عثمان وعليّاً رضي الله عنهما ، وعثمانُ ينهى عن المتعة وأن يجمَعُ بينهما ، فلمّا رأى علىٌّ أهلَّ بهما لبيكَ بعمرة وحجّة ، وقال : ما كنتُ لأدع سنّة النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لقول أَحَد.
____________
(١) صحيح مسلم ٢ : ١٤٦ كتاب صلاة المسافرين.
(٢) صحيح مسلم ٢ : ١٤٣ كتاب صلاة المسافرين ، صحيح البخاري ٢ : ٣٦ كتاب تقصير الصلاة باب يقصر إذا خرج من موضعه.