قال : فمكث عند النبىّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فبينمَا نَحْنُ على ذلك أُتِيَ النبىّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بعرَق فيه تمرٌ ، والعَرَق المِكْتَلُ قال : « أينَ السَّائِلُ »؟ فقال : أنا ، قال : « خُذْهُ فتَصَدَّقْ به » ، فقال الرّجل : أَعْلَى أَفْقَرَ منِّي يا رسول الله؟ فوالله ما بين لابتيها ( يريد الحرَّتينِ ) أهلُ بيت أفْقَرَ من أهْل بيتي ، فضحِكَ النّبىّ صلىاللهعليهوآلهوسلم حتّى بدت أنْيابُهُ ، ثم قَالَ : « أَطعمهُ أهْلَكَ ».
أنظر كيف تصبح أحكام الله وحدود الله التي رسمها لعباده ، من تحرير رقبة على الموسرين ، والذين لا يقدرون على تحرير رقبة فما عليهم إلاّ إطعام ستّين مسكيناً ، وإذا تعذّر وكان فقيراً فما عليه إلاّ بالصوم ، وهو كفّارة الفقراء الذين لا يجدون أموالا كافية لتحرير أو لإطعام المساكين ، ولكن هذه الرواية تتعدّى حدود الله التي رسمها لعباده ، ويكفي أن يقول هذا الجاني كلمة يضحك لها الرّسول حتّى تبدو أنيابه ، فيتساهل في حكم الله ، ويبيح له أن يأخذ الصدقة لأهل بيته!!
وهل هناك أكبر من هذه الفرية على الله ورسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فيصبح الجاني مُجازاً على ذنبه الذي تعمّده بدلا من العقوبة؟! ، وهل هناك تشجيعاً أكبر من هذا لأهل المعاصي والفسقة ، الذين سيتشبّثون بمثل هذه الروايات المكذوبة ويرقصون لها؟!
وبمثل هذه الرّوايات أصبح دين الله وأحكامه لعباً وهزؤاً ، وأصبح الزاني يَفْتخر بارتكابه الفاحشة ، ويُتغنَّى باسم الزّاني في الأعراس والمحافل ، كما أصبح المفطر في شهر الصيام يتحدّى الصائمين؟!
كما أخرج البخاري في صحيحه في كتاب الأيمان والنذور ، باب إذا حنث ناسياً :