وإنّما لا نريد أن يلصقَ ذلك بصاحب الرسالة صلىاللهعليهوآلهوسلم ; لأنّ الفرق كبير والبون شاسع ، فهو الذي بعثه الله في الأُميّين يتلو عليهم آياته ويزكّيهم ، ويعلّمهم الكتاب والحكمة ، وبما أنّه خاتم الأنبياء والمرسلين ، فقد علّمه الله علم الأوّلين والآخرين.
كما نلفتُ القارئ الكريم بأنّ ليس كلّ ما في البخاري هو منسوب إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقد يخرج البخاري حديثاً للنّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ثمّ يعقّب عليه بآراء بعض الصّحابة ، فيصبح القارئ يعتقد بأنّ ذلك الرأي أو الحديث هو لرسول الله في حين أنّه ليس له ، أضربُ لذلك مثلا :
أخرج البخاري في صحيحه في كتاب الحِيَلْ ، باب في النكاح من جزء الثامن صفحة ٦٢ قال :
عن أبي هريرة ، عن النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : « لا تُنكَحُ البكر حتى تُسْتَأذنَ ، ولا الثّيب حتى تُستأمَرَ. فقيل : يا رسول الله كيف إذْنُهَا؟ قال : إذا سَكَتَتْ ».
وقال بعض النّاس : إن لم تُستأذنِ البكرُ ولم تُزوّجْ ، فاحتالَ رَجلٌ فأقامَ شَاهِدَي زور أنَّه تزوّجَها برِضَاهَا ، فأثْبتَ القاضِي نِكاحَهَا ، والزوجُ يَعلَمُ أَنَّ الشهادة باطِلَةٌ ، فلا بأسْ أن يَطَأَهَا وهو تزويجٌ صحيح.
فانظر إلى قول البخاري ( بعد حديث النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ) وقال بعض النّاس! فلماذا يُصبح قول بعض النّاس ( وهم مجهولون ) بأنّ النكاح بشهادة الزور هو نكاح صحيح ، فيتوهّم القارئ بأنّ ذلك هو رأي الرّسول ، وهو غير صحيح؟!
مثال آخر : أخرج البخاري في صحيحه من كتاب بدء الخلق ، باب مناقب المهاجرين وفضلهم من جزئه الرابع صفحة ٢٠٣ :