الكتب بعد كتاب الله لأجل هذا ، ولأجل انتقاصه فضائل علي بن أبي طالب ، فالبخاري عمل من جهة على تقطيع الحديث وبتره إذ كان فيه مسٌّ بشخصية عمر ، كما عمل نفس الأُسلوب مع الأحاديث التي تذكر فضائل علي ، وسنُوافيك ببعض الأمثلة على ذلك قريباً إن شاء الله.
١ ـ أخرج مسلم في صحيحه في كتاب الحيض باب التيمّم ، قال : جاء رجل إلى عمر فقال : إنّي أجنبتُ فلم أجد مَاءً؟ فقال عمر : لا تُصلِّ ، فقال عمّار : أما تذكر يا أمير المؤمنين إذ أنَا وأنتَ في سريّة ، فأجنبنا فلم نجد ماءً ، فأما أنتَ فلم تُصلِّ ، وأما أنَا فتمعّكتُ في التّراب وصلّيتُ ، فقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إنّما كان يكفيكَ أنْ تضربَ بيديك الأرض ، ثمّ تنفُخ ثمّ تمسح بهما وجهك وكفّيكَ » ، فقال عمر : إتّق الله يا عمّار! قال : إن شئتَ لم أحدّثْ به.
وأخرج هذه الرّواية كلّ من أبي داود في سننه ، وأحمد بن حنبل في مسنده ، والنّسائي في سننه ، والبيهقي ، وابن ماجه أيضاً (١).
ولكنّ البخاري خان الأمانة أمانة نقل الحديث ، كما هو ومن أجل الحفاظ على كرامة عمر دلّس الحديث; لأنّه لم يعجبهُ أن يعرف النّاس جهل الخليفة بأبسط قواعد الفقه الإسلامي ، وإليك الرواية التي تصرّف فيها البخاري.
____________
(١) مسند أحمد ٤ : ٢٦٥ ، سنن ابن ماجة ١ : ١٨٨ ح ٥٦٩ ، سنن النسائي ١ : ١٦٦ ، السنن الكبرى للبيهقي ١ : ٢٠٩ ، سنن أبي داود ١ : ٨١ ح ٣٢٢.