وهذه الرّواية قد نقلها أغلب المفسّرين في كتبهم وتفاسيرهم لسورة عبس ، كالسّيوطي في الدر المنثور ، والزمخشري في الكشاف ، وابن كثير في تفسيره ، والرّازي في تفسيره ، والخازن في تفسيره (١).
ولكنّ البخاري وكعادته حذف الحديث وأبتره; لئلا يعرف النّاس جهل الخليفة بمعنى الأبُّ ، فروى الحديث كالآتي :
أخرج البخاري في صحيحه من كتاب الاعتصام بالكتاب والسنّة ، باب ما يكره من كثرة السؤال وتكلّف ما لا يعنيه ، قول الله تعالى : ( لا تَسْألُوا عَنْ أشْيَاءَ إنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ ) (٢) :
عن أنس بن مالك قال : كنّا عند عُمر فقال : نهينا عن التكلّفِ.
نَعم ، هكذا يفعل البخاري بكلّ حديث يشمُّ منه انتقاصاً من عمر ، فكيف يفهم القارئ من هذا الحديث المبتور حقيقة الأشياء ، فهو يستُر جهل عمر بمعنى الأبّ ، ويقول فقط قال : نهينا عن التكلّف.
٣ ـ أخرج الحاكم في المستدرك ٢ : ٥٩ ، وأبو داود في سننه ٢ : ٣٣٩ ، والبيهقي في سننه ٨ : ٢٦٤ ، وابن حجر في فتح الباري ١٢ : ١٠٧ ، وأحمد في مسنده ١ : ٣٣٥ بسند صحيح ، وابن ماجة ١ : ٦٥٩ ، ح ٢٠٤٢ مختصراً وغيرهم ، عن ابن عباس أنّه قال : أُتي عمر بمجنونة قد زنتْ ، فاستشار فيها أُناساً فأمر بها أن تُرجم ، فمرّ بها علي بن أبي طالب فقال : « ما شأنها »؟
____________
(١) تفسير الطبري ٣٠ : ٧٧ ، تفسير القرطبي ١٩ : ٢٢٣ ، تفسير ابن كثير ١ : ٦ ، الدر المنثور ٦ : ٣١٧ ، وانظر الغدير للأميني ٦ : ٩٩.
(٢) المائدة : ١٠١.