المؤمنين لسيّدها ومولاها علي بن أبي طالب (١) ، حتّى إنّها عندما وصلَ إليها خَبرُ قتلِه سجدتْ شكراً لله (٢).
وعلى كلّ حال رحمَ الله أُمّ المؤمنين وغفرَ لهَا كرامةً لزوجها ، ونحنُ لا نضيّق رحمة الله التي وسعتْ كلّ شي ، وكان بودّنا لو لم تكن تلك الحروب والفتن والمآسي ، التي تسبّبتْ في تفريقنا وتشتيت شملنا وذهاب ريحنا ، حتى أصبحنا اليوم طعمة الآكلين ، وهدف المستعمرين ، وضحيّة الظّالمين ، فلا حول ولا قوة إلاّ بالله العلي العظيم.
ومع الأسف الشديد فإنّ الإمام البخاري اختار طريقه ، وسلك سبيله ضمن مدرسة الخُلفاء التي شيّدتها السلطة الحاكمة ، أو أنّ تلك المدرسة هي التي اختارت البخاري وأمثاله ، وصنعتْ منهم ركائز وأركان ورموز لتدعيم سلطانهم ، وترويح مذهبهم ، وتصريف اجتهاداتهم التي أصبحتْ في عهد الأمويين والعباسيين سوقاً رائجة ، وسلعة رابحة لكلّ العلماء الذين تسابقوا وتَباروا لتأييد الخليفة ، بكلّ أساليب الوضع والتّدْليس الذي يتماشى
____________
(١) جاء في الغدير ١ : ٦٦٦ عن الحافظ ابن سمان كما في الرياض النضرة ٣ : ١١٥ ، وذخائر العقبى : ٦٨ ، ووسيلة المآل : ١١٩ ، والمناقب للخوارزمي : ١٦٠ ح ١٩١ ، والصواعق المحرقة : ١٧٩ عن الحافظ الدارقطني عن عمر وقد جاءه أعرابيان يختصمان فقال لعليّ : اقض بينهما ، فقال أحدهما : هذا يقضي بيننا؟ فوثب إليه عمر وأخذ بتلبيبه وقال : ويحك ما تدري من هذا ، هذا مولاي ومولى كلّ مؤمن ، ومن لم يكن مولاه فليس بمؤمن.
(٢) مقاتل الطالبيين : ٥٥ وفيه : « لما أن جاء عائشة قتل عليّ سجدت ».