والسّياسة القائمة ، كلّ ذلك لينالوا عند الحاكم الجاه والمال ، فباعوا أُخراهم بدنياهم ، فما ربحت تجارتهم ، ويوم القيامة يندمون ويخسرون.
فالناس ناس ، والزمان زمان ، فأنتَ ترى اليوم نفس الأساليب ونفس السّياسة ، فكم من عالم جليل هو حبيس داره لا يعرفه النّاس ، وكم من جاهل تربّع على منبر الخطابة ، وإمامة الجماعة ، والتحكّم بمصير المسلمين; لأنّه من المقرّبين الذين نالوا رضَى النظام وتأييده ، وإلاّ قل لي بربّك كيف يفسّر عزوف البخاري عن أهل بيت النبي الذين أذهب الله عنهم الرّجس وطهّرهم تطهيراً؟
كيف يفسّر عداء البخاري لهدي الأئمة الذين عاصر وعايش البعض منهم زمن البخاري ، ولم يروِ عنهم إلاّ ما هو مكذوب عليهم; للحطّ من قدرهم السّامي ، والطعن في عصمتهم الثابتة بالقرآن والسنّة ، وسنوافيك ببعض الأمثلة على ذلك.
ثمّ إنّ البخاري ولّى وجهه شطر النّواصب والخوارج الذين حاربوا أهل البيت وقتلوهم ، فتراه يروي عن معاوية ، وعن عمرو بن العاص ، وعن أبي هريرة ، وعن مروان بن الحكم ، وعن مقاتل بن سليمان الذي عُرف بالدّجال (١) ، وعن عمران بن حطّان عدوّ أمير المؤمنين وعدوّ أهل البيت ،
____________
(١) قال ابن حبان في كتاب المجروحين ٣ : ١٤ « كان يأخذ عن اليهود والنصارى علم القرآن الذي يوافق كتبهم وكان شبيهاً يشبّه الرب بالمخلوقين » وعن أبي حنيفة قال : « أتانا من المشرق رأيان خبيثان : جهم معطل ، ومقاتل مشبه » سير أعلام النبلاء ٧ : ٢٠٢ ، ومقاتل هذا وقع في سند رواية رواها البخاري في تاريخه