خاتمة البحث
وبعد هذه الخرافات وأمثالها كثير في البخاري ، فهل يبقى الباحثون والعلماء المتحرّرون ساكتون ولا يتكلّمون؟
وسيقول بعض النّاس : لماذا التحامل إلاّ على البخاري؟ وقد يوجد في غيره من كتب الأحاديث أضعاف ما فيه ، وهذا صحيح ولكنْ تناولنا البخاري بالتّحديد لما ناله هذا الكتاب من شهرة فاقت الخيال ، حتّى أصبح كالكتاب المقدّس عند علماء السنّة ، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، إذ كل ما فيه صحيح لا يتطرّق إليه الشك.
ومنبع هذه الهالة وهذا التّقديس نشأ من السّلاطين والملوك ، بالخصوص في العهد العبّاسي الذي وصل فيه الفرس إلى التحكّم في كل جهاز الدّولة ، وكان منهم الوزراء والمستشارون والأطبّاء والفلكيون ، يقول أبو فراس ذلك :
أبلغ لديك بني العبّاس مالكةً |
|
لا يدّعوا ملكها ملاّكها العجم |
أي المفاخر أمست في منازلكم |
|
وغيركم آمرٌ فيها ومحتكم |
وعمل الفرس كلّ جهودهم ، واستعملوا كلّ نفوذهم حتّى أصبح كتاب البخاري في المرتبة الأُولى بعد القرآن الكريم ، وأصبح أبو حنيفة الإمام الأعظم فوق الأئمة الثّلاثة الآخرين.
ولولا خوف الفرس من إثارة القومية العربية في عهد الدولة العبّاسية ،