فليست الأكثرية بدالّة على الحقّ ، بل العكس هو الصّحيح ، قال تعالى : ( وَإنْ تُطِعْ أكْثَرَ مَنْ فِي الأرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللّهِ ) (١).
وقال أيضاً : ( وَمَا أكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ ) (٢).
مثلما أنّ التقدّم الحضاري والتكنولوجي والثّراء ليس دليلا على أنّ الغرب على حقّ والشرق على باطل قال تعالى : ( فَلا تُعْجِبْكَ أمْوَالُهُمْ وَلا أوْلادُهُمْ إنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ ) (٣).
يقول الإمام علي عليهالسلام : « الحمد لله الّذي بطن خفيات الأُمور ، ودلّتْ عليه أعلام الظهور ، وامتنع على عين البصير ، فلا عينُ من لم يره تُنكرهُ ، ولا قلبُ من أثبتَهُ يبصره ، سبقَ في العلوِّ فلا شيء أعلى منه ، وقرُبَ في الدُنوِّ فلا شيء أقربُ منه ، فلا استعلاؤه بَاعدَهُ عن شيء من خلقِه ، ولا قُربُه سَاواهم في المكان بِهِ.
لم يُطلع العقولَ على تحديد صفته ، ولم يحجبها عن واجِبِ معرفِتِه ، فهو الذي تشهد له أعلام الوجود على إقرارِ قلب ذي الجحود ، تعالى الله عمّا يقول المشبّهونَ به والجاحدونَ له علوّاً كبيراً » (٤).
« والحمد لله الذي لم تسبق له حالٌ حالا ، فيكون أوَّلا قبل أن يكون
____________
(١) الأنعام : ١١٦.
(٢) يوسف : ١٠٣.
(٣) التوبة : ٥٥.
(٤) نهج البلاغة ١ : ٩٩ ، الخطبة : ٤٩.