القسم الثالث : التحوّل المذهبي من الدائرة السنيّة إلى الدائرة الشيعية الإمامية
والذي يعبّر عنه في أيامنا هذه بـ « الاستبصار » إذ يُطلق هذا الاسم على الشخص الذي ترك مذهبه الذي كان عليه واختار مذهب أهل البيت عليهمالسلام ، لقيام الحجّة عنده على أحقيّة هذا المذهب دون المذاهب الإسلاميّة الاُخرى.
لذلك نشاهد أنّ المستبصر يمرّ بعدّة مراحل مهمّة وخطرة في حياته ، وهي مرحلة التشكيك بما كان عليه ، ثمّ مرحلة البحث والتنقيب عن المذهب الصحيح ، ثمّ مرحلة الاختيار ، ثمّ الإعلان والإفصاح عن اعتناقه مذهب أهل البيت عليهمالسلام.
وبإعلانه هذا يكون المستبصر قد جنّد نفسه لما سيلاقيه من مضايقات ، بل قطيعة كاملة من أقرب الناس إليه أهله وعشيرته ، بل يتعرّض لحملة تسقيط شعواء ، يحاول المخالفون فيها إلصاق شتّى التهم به.
وهنا يبدأ الامتحان الإلهي لهذا المؤمن الجديد الذي حباه الله بهذه النعمة العظيمة ، ولاية أمير المؤمنين عليهالسلام.
وقد يتصوّر البعض أنّ ظاهرة الاستبصار في العالم جديدة ، حدثت في العقدين أو الثلاثة الأخيرة ، وأنّها نتيجة طبيعيّة للأحداث السياسيّة التي شهدتها الساحة السياسيّة الشيعيّة وهذا التصوّر غير صحيح وإن كنّا لا ننكر الدور المهم الذي فعلته تلك الأحداث ، وكذلك تطوّر وسائل الاتصال في العالم كالفضائيات والأنترنيت ، في تعريف العالم بمذهب أهل البيت عليهمالسلام.
فالذي يطالع التاريخ بدقّة يجد أنّ ظاهرة الاستبصار والتحوّل إلى مذهب أهل البيت عليهمالسلام حصل ابتداءً من القرن الأوّل الهجري وإلى يومنا هذا ، وإذا أردنا أن نثبّت كافة الأسماء التي تعرّفنا عليها من المستبصرين القدماء ، فإننا نخرج عن منهج هذه المقدّمة المبنيّ على الاختصار ، بل نحتاج إلى مجلّد أو عدّة مجلّدات لاستيعاب ذلك ، ونشير هنا إلى بعضهم على سبيل المثال :