به ، ناهيك أنّه خلاف قوله تعالى : ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) (١) والقرآن الذي تعرفه وتتلوه وتصلي بسوره وآياته ، ويباع في المكتبات ، ويلقن في الكتاتيب ، هو نفسه القرآن الذي يدين به الشيعة منذ أن وجدوا ، ولم يخرج على الناس مفسر واحد منهم بغير ما هو متعارف عند جميع المسلمين ، ولو كان الأمر كما تدّعي ، لانتهى أمر الشيعة بهذا الادّعاء المنحرف.
قال السنّي : إحسان إلهي ظهير تحدّث عن أكبر حُفّاظ الشيعة ، ورأس رواياتهم الشيخ الكليني ، الذي أخرج عدداً من روايات التحريف.
قال الشيعيّ : إنّ الشيخ الكلينيّ أخرج تلك الروايات لسبب واحد ، هو الأمانة العلمية التي حتّمت عليه نقل تلك الروايات ، لكنّه من الجهة الاعتقاديّة لم يكن مطمئنا لها ، فأفرد لها باب في كتابه الكافي سماه باب النوادر ، وقد درج الشيخ الجليل على تخصيص باب للنوادر في كلّ أبواب الفقه ، وهي خاصيّة تميّز بها عن غيره من علماء ( السنّة ) كالبخاري ومسلم وغيرهما ممّن أخرج روايات التحريف في القرآن ، وأدرجوها في أبواب الفقه دون حيّز ولا فصل ، والاعتقاد بالزيادة أو النقيصة في القرآن اعتقاد واحد ، وأزيدك أكثر ، عندما نرى في عصرنا الحاضر أنّ الله تعالى دافع عن الشيعة في مسألة تحريف القرآن ، وكيف لا يفعل وهو الذي يقول : ( إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ ) (٢) فقد ظهر من أبناء الشيعة هذه السنوات أطفال صغار السنّ حفظوا القرآن حفظاً عجيباً لم يأت الزمان بمثله ، فمن إيران الإسلاميّة إلى العراق ، خرج علينا براعم في عمر الزهور ذكوراً وإناثاً بعجيب حفظ ، أذهل العقول وأثار الغرابة ، وألقم الذين نسبوا إلى الشيعة تحريف القرآن حجرا لو كانوا يعقلون ، فإذا كان الشيعة يعتقدون بتحريف
_________________
(١) الحجر : ٩.
(٢) الحج : ٣٨.