القرآن فلماذا يتعهدونه ويحفظونه لناشئتهم ؟ ولماذا يزيدهم الله تعالى من فضل رحمته بحفظ لم يعهده أحد من الناس ؟
قال السنّي : إذاً ، فمن أين جاءت تهمة التحريف التي رُمي بها الشيعة ؟
قال الشيعي : إنّ نسبة التحريف التي جاء بها أهل الافتراء والكذب على الشيعة ، لا أصل لها في حقيقة الأمر ، كلّ ما يمكنني أنْ أفيدك به في هذا المجال ، هي كلمة قالها الإمام الباقر عن المخالفين لخطّ الإمامة بخصوص القرآن : ( وأقاموا حروفه وحرّفوا حدوده ) (١). بمعنى أنّ التحريف لم يقع في لفظ القرآن ، وإنّما وقع في معانيه وتأويله وتفسيره ، والشيعة الاماميّة الاثني عشريّة مُبرّؤون من تحريف القرآن لفظاً ومعنى ; لأنّ ما عنيه خامس أئمة أهل البيت عليهمالسلام غير متعلّق بشيعته ، باعتبار أنّهم ملتزمون بأئمتهم ، علماً وعملاً ، وأمراً ونهيا ، طيلة القرون الثلاثة التي وجدوا فيها ، بينما تفرّقت بغيرهم السبل ، واتّبعوا أثر كلّ ناعق ، لذلك أجزم بأنّ مصدر التهمة جاء من أنظمة الحكم التي كانت تعتبر التشيع لأهل بيت النبي صلىاللهعليهوآله خطراً يُهدّد كيانها ، وينذر بذهاب سلطانها ، فلفّقت لهم عدداً من التهم ، وأحاطتهم بهالة من الإشاعات الكاذبة ، من اجل الحد من إشعاع ذلك البيت الطاهر وتأثر أنصاره في المجتمعات التي يعيشون بينها.
قال السنّي : كيف تريدني أنْ اقتنع برؤيتك التي تدّعي أنّها إسلاميّة ، وكتبك لا أعرف عنها شيئاً ، وهي غير معتمدة عندنا نحنُ أهل السنّة ؟
قال الشيعي : أنا لا أريد أنْ ألزمك بما في كتبي فذلك يحتاج إلى مجال وجهد ووقت آخر ، لكنّني ألزمك بما ألزمت به نفسك من كتب نعتموها بالصحاح ، وكتب قدّرتم جهود أصحابها ، فصدح بها أئمة المنابر ، وأخذ منها الباحثون ومؤلفوا الإسلام في الأصول والفروع ، وغياب كتب الشيعة عن الناس لم يكن
_________________
(١) الكافي ، الكليني ٨ : ٥٣.