بشكل جليّ ، لا يلتبس إلّا على منافق خبيث الولادة ، فوصاية عليّ عليهالسلام على أهل بيته ، لا تستوجب ذكراً ، ولا إشارة ، ولا تلميحا من النبيّ صلىاللهعليهوآله ، لأنّها من تحصيل حاصل ، ولا تحتاج إلى تأكيد أو توثيق ; لأنّها ممّا لا يمكن عقلاً وعرفاً أنْ ينازعه عليها أحد.
إذاً فقوله تعالى : ( اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي ) دليل على أنّ خلافة هارون كانت في قومه وهم بنو إسرائيل ، فتكون خلافة علي عليهالسلام في الأمة الإسلامية ، ولا يحتاج بيانها إلى أكثر من إشارة وتلميح.
قلت وقد صدع تفسير الشيعي الثوابت التي كنت أعتقدها بشأن الخلافة ، وهزّ أسسها هزّاً تهيّأت فيه للتداعي والسقوط ، فليس بعد هذا الدليل حجّة يستطيع منصف ردّها : إذاً فمسألة الخلافة قد حسمها حديث المنزلة ، الذي توضّحت أركانه من خلال آيات القرآن التي بيّنت منزلة هارون من موسى عليهماالسلام ، وظهرت بذلك منازل علي عليهالسلام من رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وسوف لن أكون مفرطا في اعترافي بحقيقة أنّ علياً رضياللهعنه قد ظُلم باغتصاب حقّه في خلافة النبيّ صلىاللهعليهوآله ، ونُكبت الأمّة وحرمت من قيادة رشيدة هادية مهديّة اختزلت كلّ قيم النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وجمعت كافّة الخصائص الممكنة لشخص له أهليّة الحلول محلّ خاتم الأنبياء والمرسلين صلىاللهعليهوآله في قيادة الأمّة الإسلاميّة.
فقال الزميل السنّي : لكن كيف يمكن أنْ يجتمع الصحابة كلّهم رضوان الله عليهم على باطل التنكّر لعليّ عليهالسلام ، وهم الذين قال عنهم رسول الله صلىاللهعليهوآله : « أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم » (١) ، كما أنّه قال : « إنّ الله لا يجمع أُمّتي ـ أو قال أمّة محمّد ـ على ضلالة ... » (٢).
_________________
(١) انظر الحديث وتخريجاته في سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني ١ : ١٤٤ ، حديث رقم (٥٨).
(٢) سنن الترمذي ٣ : ٣١٥.