قال : « لقد تعلّق الأمر بالحكومة الإسلاميّة ، ومن سيتولّاها بعد النبيّ صلىاللهعليهوآله ، فحديث الثقلين (١) الذي سبق لرسول الله صلىاللهعليهوآله إذاعته في الناس ، قد أشار إلى أنّ العاصم من الضلال ، ليس إلّا التمسّك بكتاب الله ، والعترة الطاهرة من بيت النبيّ صلىاللهعليهوآله ، فهما الثقلان اللذان يمتلكان مُقوّمات بناء الأمّة ، وظاهر الحديث يدلّ على أن القرآن لا يمكن أنْ يكون إلّا عند الذين أذهب الله تعالى عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، لأنّهم الناطقون عنه صدقاً وعدلاً ، ولا يستطيع أحد غيرهم بعد النبيّ صلىاللهعليهوآله سبر غوره ، وتفسير رموزه ، وفكّ غموض متشابهه ، والتفريق بين منسوخه وناسخه ، غير الصفوة الطاهرة عليهاالسلام ، وقد أشار سبحانه وتعالى إلى ذلك في سورة الواقعة فقال : ( لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ) (٢). بمعنى لا يستطيع إدراك حقائقه ، والتمكّن من فهمه الفهم المطابق للمقصد ، غير الذين وقع تطهيرهم ، ليقوموا بذلك الدور ، ولم يقع تطهير من المولى سبحانه وتعالى في هذه الأمّة سوى أهل بيت النبي صلىاللهعليهوآله ، قال تعالى : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) (٣) كما لم يدّع أحد اختصاصهم بالآية ودخولهم فيها غيرهم ، وقد قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) (٤) ، وقد علمنا أنّ الصدق في الناس نسبيّ ، وفيهم كامل ، فليس هناك من هم أصدق منهم قولاً وفعلاً ، وسيرتهم تشهد لهم بذلك ، وقد التفت عمر وجماعته إلى الغاية من إرسالهم إلى حرب الروم ، وصرفهم عن المدينة ، وفهموا أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله كان يرغب في تسليم عليّ عليهالسلام لقيادة الأمّة في أجواء خالية من هؤلاء الطامعين ، بعد أنْ عقد له زمامها في منصرفه من حجّة الوداع عند غدير خمّ ، حينما قال :
_________________
(١) تقدم الكلام عن حديث الثقلين في حلقة سابقة.
(٢) الواقعة : ٧٩.
(٣) الأحزاب : ٣٣.
(٤) التوبة : ١١٩