لذلك أعتقدُ جازماً بخصوص رواية مالك ، أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله لم يحلنا إلى مصدرين من مصادر الشريعة ، ليس لهما وجود على أرض الواقع ، كلاهما مبثوثان في المسلمين ، لا يملكان لنفسيهما دفع الضرّ وسط خليط من الناس يتحرّك أغلبهم وفق مصلحته ، فوجب لذلك تعيين أناس لهم من المكانة والأهليّة والقدرة ، على أداء علوم الوحي إلى الأجيال المتتابعة ، حتّى يمكن للدين أن يستمر في دوره.
وجاءت آية التطهير ، لتظهر لي إمكانيّات الأئمّة الهداة ، التي ميّزتهم عن بقيّة المسلمين علماً وعملاً ، قال تعالى : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) (١) فأظهرت عصمتهم بشكل واضح وجليّ ، لأنّ من أذهب الله تعالى عنهم رجس الشيطان ، وطهّرهم تطهيراً ، لا يمكن أن يكونوا غير معصومين ، فإذهاب الشيطان عنهم برجسه ، وكلّ خبائثه ، وشدّة تطهيرهم ، عاملان من عوامل الاصطفاء ، ومن اصطفاه خالقه ، فهو معصوم من الخطأ حتماً فأهل بيت النبيّ صلىاللهعليهوآله معصومون من الخطأ.
ثمّ بحثت عن أهل البيت عليهمالسلام ، من يكونون ؟ فوجدت عند المسلمين قولين :
القول الأول يقول : إنّهم عامّة نسائه وأبنائه ومعهم الإمام عليّ عليهالسلام.
القول الثاني : يخصّ منهم عليّاً وفاطمة والحسن والحسين والتسعة من ذرية الحسين عليهمالسلام.
بحثت في القول الأول ، فوجدته لا يستند على حجّة أو دليل يُبقي نساء النبيّ في دائرة اختصاص الأهل ، لأنّه لم ترد رواية تفيد ذلك القصد ، ولا ادّعت واحدة من النساء شمولها ، بل لقد وجدت أنّ اثنتين من نساء النبيّ قد رويتا نزول الآية في الخمسة الطاهرين ، وهم : محمد صلىاللهعليهوآله وعليّ وفاطمة والحسن
_________________
(١) الأحزاب : ٣٣.