من الشباب إلّا أنْ يقيموا السنّة الحميدة ، ويقرؤوا ما تيسّر من سور الكتاب العزيز ، كسورة يس ، وقصار السور ، في الوقت الذي يودّع فيه الميت مثواه الأخير ، وعند انتهاء القرّاء من القراءة ، والدفانين من الدفن ، تقدّم إمام القرية للدعاء ، وأمّن عليه الحاضرون قبل قراءة سورة الفاتحة ، وبعد تقديم التعازي ، التفتّ إلى وجود رجل يريد الاقتراب منّي ، لاحظت أنّ الرجل ليس من أهل القرية ، تقدّم منّي وقدّم تعازيه ، فشكرت له سعيه.
وجرت العادة أنْ يتّجه أغلب الحاضرين في التشييع إلى البيت الذي خُصّص لاستقبال الوافدين للتعزية ، للقيام على خدمتهم ، وتهيئة أسباب الراحة لهم ، وطلباً لمواساة أهل الميّت ، حانت منّي التفاتة فوجدت ذلك المعزّي جالساً مع من حضر ، وبعد تناول العشاء ، بدأ الحضور في مسامراتهم وأحاديثهم كلّ حسب اهتماماته ، لكنّ الحديث في عمومه كان منحصراً في المسائل الدينية ، وخصوصاً ما تعلق منه بعالم ما بعد الموت ، ووجد الرجل فرصة للحديث فابتدر قائلاً : « مَن منكم يخبرني عن عدد تكبيرات الصلاة على الميّت ، وماذا تعني تلك التكبيرات ؟ »
استغرب عدد من الحضور من سؤال الرجل ، لكن مع ذلك أجابه أحد الحضور بأنّ عدد التكبيرات هو أربع تكبيرات ، ولكن لا يعلم الغاية منها ، ولا يوجد في الفقه المالكي ، ولا السنّي عموماً ما يفيد في شأنها.
وقال آخر وكان أستاذاً في التربية
الإسلاميّة : « لقد حدث اختلاف في عهد الخليفة عمر بن الخطاب بخصوص هذه المسألة ، لمّا أشكل عليهم عدد تكبيراتها ، ففريق قال بأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله
كبّر أربعاً على الجنازة ، وفريق آخر قال : إنّ النبي صلىاللهعليهوآله
كبر خمساً ، ومنهم من قال غير ذلك ، ولم يحسم الأمر بين الفريقين ، فما كان من الخليفة إلّا أنْ أمضى أمر الصلاة على موتى المسلمين ، فجعلها أربع