قلت له : لكنّنا نحن أهل السنة نحبّ أهل بيت النبيّ صلىاللهعليهوآله ونحترمهم ، لكنّنا لا نغالي في ذلك كما تفعل الشيعة.
قال : بيّن لي كيف تحبّون أهل البيت ؟ وكيف يمكنكم تجسيد ذلك وإظهاره ؟ وماذا قدّمتم للأطهار عليهمالسلام حتّى توفون بواجبكم نحوهم ، ويعتبركم أهل البيت عليهمالسلام من محبيهم حقّا ؟ فللمودّة والحبّ تطبيقات ، كما تظهر لهما من خلال ذلك علامات ، لابدّ من تجليها على المحبّ ، وإلّا لم يكن الأمر كذلك.
ونظرت بيني وبين نفسي ، وغصت في أعماق مشاعري وأحاسيسي ، باحثاً عن مظهر أو علامة استدلّ بها على حبّي ، وحبّ أهل السنّة لأهل بيت النبيّ صلىاللهعليهوآله ، فلم أجد شيئا ألوذ به ، فلم أجد له تجسيداً ولا عثرت على دليل يكون إلى جانبي ..
خيّم عليّ صمت أشبه بالوجوم ، فقال : لماذا سكتّ ؟ ألأنّك لم تجد ما يصدق دعواك في محبّة أهل البيت عليهمالسلام ، وأضيف لك أنّ المحبّة اتّباع وتأس ، وهو الركن المهم والمطلوب في هذه المودّة ، قال تعالى : ( قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ) (١) فهل اتّبعتم أهل البيت عليهمالسلام في شيء من الأشياء ، وهي كلّها سنن النبيّ صلىاللهعليهوآله ، تعلّموها وورثوها منه ؟ أنا لا أظنُّ ذلك ، بل أجزم أنّكم لم تتّبعوهم في شي مطلقاً ، ونفضتم أيديكم منهم ، ووقفتم في صفّ المحاربين لهم بدءاً من السقيفة وانتهاءً ببقائكم على ولاية من ظهر عداءه للدين ، من هؤلاء الفسقة والظالمين ، الذين يجثمون على صدوركم ، وتعتبرونهم أولياء أموركم.
قلت : على رسلك ، فإنّ جانباً هامّاً من أهل السنّة ، والمتمثّل في طلائعه المثقّفة لا تؤمن بولاية هؤلاء الأشرار من أتباع حزب النفاق ، والحركات الإسلاميّة الحديثة قد خرجت من قمقم طاعة الظالمين ، بعد أنْ جرّبته طويلا
_________________
(١) آل عمران : ٣١.