اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) (١) ، وقال أيضا : ( وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) (٢).
وقال كذلك : ( وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) (٣). لكن تلك الالزامات الإلهيّة ، والنصائح النبويّة ذهبت أدراج الرياح ، فلم يعرها اهتماماً غير ثلّة قليلة ألزمت أنفسها باتّباع الأوامر ، وتجنّب النواهي الإلهيّة ، واضعة نصب أعينها أولويّة الأخوّة ووحدة الصف الإسلامي ، أمّا البقيّة الباقية ، فقد اتّبعت هواها في تحصيل عاجل الدنيا ، فركنت إلى أعداء الدين وهي معتقدة أنّهم أولياء أمورها ، فاقتحموا بها المحظور ، وأوردوها مورد التشتّت والاختلاف ، ومارسوا معها سياسة فرّق تسد ، ولم يتركوها إلّا وهي شتات متفرّق ، يعتدي بعضه على بعض.
إزاء هذا الاختلاف الشديد بين هذه الفرق المتناحرة ، قرّرت أنْ أبحث عن الطائفة التي تمتلك أداة الوحدة باعتبارها المركز والأصل ، فوجدت أنّ منهج أئمّة أهل البيت عليهمالسلام هو أصل الإسلام المحمّدي ، وأنّ أئمّته الكرام عليهمالسلام هم أقطاب رحى علوم الدين ، من بيوتهم خرجت علوم الإسلام ، وعلى أيديهم تخرّج ألوف الفقهاء ، وكانوا دائماً مراجع الأمّة الإسلاميّة ، في عصور ظهورهم ، وتمكّنهم من بسط العلوم ونشر الأفكار ، التي تجسّد حقيقة الدين الإسلاميّ ، خالية من إملاءات الظالمين.
_________________
(١) آل عمران : ١٠٣.
(٢) آل عمران : ١٠٥.
(٣) الأنعام : ١٥٣.