وأروع الأمثلة التي يمكننا ضربها هنا ،
سلوك الإمام عليّ عليهالسلام
تجاه الغاصبين لحكومته ، فقد آثر أبو الحسن عليهالسلام
السكوت على حقّه ، عندما طالب به ولم يجد آذاناً صاغية ، وخيّر الإبقاء على وحدة الصفّ الإسلاميّ على تمزيقه ، ولا تزال مقالته الشهيرة : « فرأيت أنّ الصبر على هاتا أحجى » (١)
تتردّد شاهدة على تفرّد شخصيّة أمير المؤمنين عليهالسلام
ورجاحة عقله ، ودقّة فكره ، وزادها علوّاً ورفعة مساهماته في إرشاد الغاصبين ، وتصحيح أخطائهم ، من أجل سلامة الدين واستحقاقات الأمّة الإسلاميّة. لقد مثّل أئمّة أهل البيت عليهالسلام وشيعتهم على مرّ
التاريخ ، الدرع الواقي الذي تكسّرت عليه أعتى هجمات أعداء الإسلام من منافقين ومشركين ، وبقدر ما سعت أنظمة الظلم والبغي والجور من أجل تفتيت تماسك المسلمين حول ولاية أهل البيت عليهمالسلام
، بقدر ما ظهرت لعيان المبصرين حقيقة هذا البيت النبويّ الطاهر ، وما حواه من إشراقات خير ، وإمدادات عزم وصمود ، ونفحات علم لم يتوصّل إليها غيرهم ، وكانوا في جميع ذلك سادة الإسلام والمسلمين ، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء من عباده. لذلك فإنّ جلّ هموم أهل البيت عليهمالسلام ، كانت منصبّة في
إطار حفظ الإسلام ، وحفظ وحدة صف الأمّة ، ومن أجلهما امتنعوا عن القيام في وجه الغاصبين لحكومتهم الإلهية. والدعوة إلى الوحدة الإسلاميّة والعمل
من أجل تحقيقها ، مطلب أسّسه الله تعالى في كتابه ، ودعا إليه النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآله
، وحثّ عليه أئمّة الهدى من أهل بيته الكرام البررة عليهمالسلام
، ومسؤوليّة جسيمة تحملتها أجيال العلماء ، وزمر المؤمنين _________________ (١) نهج البلاغة ١ :
٣١ ، علل الشرائع ١ : ١٥١.