السنّة ، فازددت حيرة من أمري ، ولم يفدني ذلك بشي.
وفي أحد الأيّام ، بينما أنا أتجوّل في أحدى دورات معرض الكتب التي تقام سنويّاً في البلاد ، تراءى لي من أحد أروقة المعرض عنوان لكتاب قد يجيب على تساؤلاتي التي لا تزال قائمة حول نظام الحكم في الإسلام ، يحمل عنوان ( السقيفة ) ، لصاحبه الشيخ المظفّر ، فانتهيت إليه واستخرجته من الدرج ، وبدأت في تصفحه ، ومن خلال ذلك عرفت أنّ مؤلّفه عالم من علماء الشيعة ، ومع ذلك اقتنيته لقراءة وجهة نظر تلك الطائفة من الحكومة الإسلاميّة.
إنّ مقدّمات أحداث السقيفة ، وما تخللها وتلاها ، يؤكّدان بوضوح على أنّ الذي حصل للنبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآله ، وللإمام عليّ عليهالسلام ، لم يكن سوى مؤامرة خسيسة على الدين ، أُريد بها صرف الإمامة عن أهلها ، كما نُقل عن الخليفة الثاني قوله لعبد الله ابن عباس : « كرهوا [ يعني قريش ] أنْ يجمعوا لكم النبوة والخلافة » (١) ، وقريش كما لا يخفى على كلّ ذي بصيرة ليست كلّ المهاجرين من مكّة ، وإنّما أولئك الذين وقفوا للنبيّ صلىاللهعليهوآله يوم الخميس الذي سبق وفاته ، وتطاولوا على مقامه وانتهاك حرمته وحرمة بيته ، بالادّعاء عليه بدعوى لا تجوز على النبوّة والوحي ، حيث نسبوا له الهذيان ، فقالوا : إنّه يهجر والعياذ بالله (٢) ، وأولئك الذين تمرّدوا عليه ، ورفضوا الخروج في جيش أسامة (٣).
أما ما حاولوا الاحتجاج به على الشورى بما ورد في القرآن من قوله تعالى : ( فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ) (٤). وقوله
_________________
(١) تاريخ الطبري ٣ : ٢٨٩ ، الكامل في التاريخ ٣ : ٦٣ ، شرح نهج البلاغة ١٢ : ٥٣.
(٢) والقائل هو الخليفة عمر وقد هذّبها البعض فقال : إنّه قال : غلب عليه الوجع وقد تقدّم ذلك.
(٣) تقدّمت الإشارة إلى أولئك فيما تقدّم.
(٤) آل عمران : ١٥٩.