من غيرهم ، وانتقلت تلك المعارف ، والتطبيقات إلى ذريتهم وشيعتهم من بعدهم.
سألت عن اللغة التي كتب بها الإمام الخميني كتابه. فقيل لي : إنّها لغة العرفان ، ومنطق العارفين ، وكلامه هو تعبير عن تجلّيات للروح من مقام القرب ، ليست متاحة إلّا للذين أناخوا رحالهم في فناء الزهد والإنابة إلى الله سبحانه وتعالى ، وقد رأيت أنْ أنقل إليكم نبذة من كلامه ، ( ثمّ أخرج من بين طيّات ثيابه ورقة ) ، يقول قدسسره في بيان المعاني الروحيّة والأسرار العرفانيّة لسنن التكبيرات الست التي تسبق تكبيرة الإحرام عند سفر العبد إلى ملكوت العزة وفناء الطاعة :
« فأنت يا أيّها السالك إلى الله ، والمجاهد في سبيل الله ، إذا أقمت الصلب في محضر القرب ، وأخلصت النيّة في جانب العزلة ، وصفيّت قلبك ودخلت زمرة أهل الوفاء ، فهيىء نفسك لدخول الباب ، واطلب إجازة فتح الأبواب ، وتحرّك من منزل الطبيعة ، وارفع حجابها الغليظ ، بالتمسّك بمقام الكبرياء ، وارمه وراء ظهرك ، وكبّر وادخل الحجاب ، وارفعه إلى الوراء ، وارفع الحجاب الثالث ، فقد وصلت إلى منزل القلب ، فقف واقرأ الدعاء المأثور « اللهمّ أنت الملك الحقّ المبين ، لا إله إلّا أنت ، سبحانك وبحمدك ، عملت سوءاً وظلمت نفسي فاغفر لي ذنوبي ، إنّه لا يغفر الذنوب إلّا أنت » (١) ، واسلب المالكيّة عن غير الحقّ ، واحصر مطلق التصرّفات بتلك الآيات المقدّسة ، كي لا تحسب نفسك رافعا للحجاب ، ولائقا لتكبير الحقّ ، فإنّه أكبر منْ أن يوصف.
ثمّ اقصر الألوهيّة على الحقّ ، واطلب غفران ذنوبك ، ثمّ ارفع الحجاب الرابع والخامس وارمه إلى الخلف ، وكرّر التكبير ، وافتح عين قلبك حتّى تسمع النداء ، فإنْ ظهر في قلبك حلاوة المحضر ، ولذّة الورود أو هيبة الحضور وعظمته ، فاعلم أنّه قد صدرت رخصة الورود من جانب الغيب ، فقل في مجال الخوف والرجاء
_________________
(١) من لا يحضره الفقيه ١ : ٣٠٤.