والابتهال والتبتل والتذرّع « لبيك وسعديك ، والخير في يديك ، والشر ليس إليك ، والمهديّ من هديت ، عبدك وابن عبدك بين يديك ، منك وبك ولك وإليك ، لا ملجأ ولامنجاً ولا مفرّ منك إلّا إليك ، تباركت وتعاليت ، سبحانك وحنانيك سبحانك ربّ البيت الحرام » (١). وتفكّر في حقائق هذه الأذكار الشريفة ، فإنّ فيها أبوابا من المعارف ، وفي نفس الوقت فيها أدب الحضور. وبعد تسبيح الحقّ ، وتنزيه مقامه المقدّس ، عن جواز التوصيف ، ارفع الحجاب السادس وكبّر ، فإنّ رأيتك لائقاً ، فارفع الحجاب السابع ، وهو اللطيفة السابعة ، وإلّا فقف واقرع باب إحسان الحقّ ، واعترف عن القلب بإساءتك وقل « يا محسن قد أتاك المسىء » وتوجه بأن تكون صادقا حقيقة ، وإلّا فكن حذرا وخائفا من النفاق في محضر ذي الجلال ، ثمّ بعد ذلك ارفع الحجاب السابع ، وارمه وراءك برفع اليد ، وقل تكبيرة الإحرام ، واعرف نفسك محرومة عن الغير ، فقد دخلت حرم الكبرياء ، فقل : « وجّهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض ... » (٢) واعلم بأنّك على خطر عظيم ، وهو النفاق في أوّل العبادة ، في محضر عالم السرّ والخفيّات. وإذا رأيت نفسك عارياً عن هذه المقامات ، فالكاتب المحجوب عن كلّ كمال ومعرفة ، والمقيّد بعلائق الدنيا ، وحبّ النفس والمشغول بالشهوة والغضب ، فلا تفضح نفسك في محضر الحقّ والملائكة المقرّبين ، واعترف بنقصك وعجزك ، وكن على خجل من قصورك واحتجابك ، وادخل بانكسار القلب والانفعال والخجلة واقرأ الأذكار على لسان الأولياء فإنّك لست لائقاً لها ، لأنّه ما لم تترك نفسك والعالمين ، لم تكن صادقاً في هذه الأقوال ، وما لم تُسلّم تسليماً حقيقيّاً بين يدي الله ، لم تكن مسلماً ، وما دمت رائياً نفسك ، لم تخرج عن حدود الشرك ، وما لم تكن فانياً مطلقاً في جناب الحقّ
_________________
(١) من لا يحضره الفقيه ١ : ٣٠٤.
(٢) من لا يحضره الفقيه ١ : ٣٠٤.