لم تستطع أنْ تقول : « إنّ صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله ربّ العالمين » (١) ، فإن لم تجد نفسك بطل هذا الميدان ، فلا تدخل في صفّ أهل المعرفة أصلاً ، ولا توجب خجلتك عند الأحرار ، فعن الصادق عليهالسلام قال : « فإذا كبّرت فاستصغر ما بين السموات العلا والثرى دون كبريائه ، فإنّ الله تعالى إذا اطّلع على قلب العبد وهو يكبّر ، وفي قلبه عارض عن حقيقة تكبيره ، قال : يا كاذب أتخدعني ؟ وعزّتي وجلالي لأحرمنّك حلاوة ذكري ، ولأحجبنّك عن قربي ، والمسارّة بمناجاتي » (٢).
اختبر أنت قلبك حين صلاتك ، فإنْ كنت تجد حلاوتها ، وفي نفسك سرورها وبهجتها ، وقلبك مسرور بمناجاته ، وملتذّ بمخاطباته ، فاعلم أنّه قد صدقك في تكبيرك له ، وإلّا فقد عرفت من سلب لذّة المناجاة ، وحرمان حلاوة العبادة ، إنّه دليل على تكذيب الله لك وطردك من بابه » (٣). وهكذا أخذت أتتبع الدرر التي حرمنا منها سنين عديدة فكانت تهزّ أعماقي واستوقفني كلام بليغ ، قاله الإمام عليّ بن الحسين زين العابدين عليهالسلام ، لرجل حجّ البيت الحرام ، رأى منه عُجباً في نفسه ، ويقيناً بقبول حجّه فسأله الإمام عليهالسلام : « أحججت يا شبلي ؟.
قال : نعم ، يا ابن رسول الله.
فقال عليهالسلام : أنزلت الميقات وتجرّدت عن مخيط الثياب واغتسلت ؟
قال : نعم.
قال عليهالسلام : فحين نزلت الميقات ، نويت أنّك خلعت ثوب المعصية ، ولبست ثوب الطاعة ؟
_________________
(١) من لا يحضره الفقيه ١ : ٣٠٤.
(٢) مستدرك الوسائل ٤ : ٩٦.
(٣) سرّ الصلاة : ١٢٣ ـ ١٢٧.