ليريبني أيّما إحساس قط حياله ، إلاّ ما كان قد نبغ الآن ، وجعل ينجم في لحن فراستي من أوهمني أنّه قد غدا فريسة لملاعب تلك الغربة التي أن تضحو سمّاً يطارد الأفعى نفسها بفرية لا تعرفها سوى هذه الفرقة! ولا أعدو إلى هذا الكلام إلاّ لأ نّه طالما كان يذكرني بأمثال هذه الجمل والألفاظ حتّى خلته ما كانت أُمه قد أولدته إلاّ وهي تلحن بمثل هذا الكلام! بينما ما كانت تغدو أفعى لسانه إلاّ ممن صار عليها ومن المحتم أن تخاف على نفسه من لدغة نابها هو وبحد ذاته .. فهل أن قاسماً هذا ، كان قد ملأه الغرور وإلى حد ضجت به الأيام حتّى صار يجنح إلى تعمد أغاضتي ، وإشباعي بكلمات ليس لي أن أصحو بعدها ومن تلقاء نفسي إلاّ أثر وخز يتعاهد أحدهم صنعه. ولئن فعلت ، وصرت أصحو وبحسب بدَهيتي ، فهل لي أن أنسى وقع الأسى الذي اختفى لحنه في داخل كُلّ أعضاء بدني ، وصار يفيض الماء من كُلّ مسامات جلدي حتّى له أن يتقشر ويتفصد بعد ذلك عرقاً .. وهو الذي انتقلت جدرانه إلى حالة مشبعة باليباس وذلك إثر نوبات من الجفاف. وها هو ينبت قطرات مالحة ، ليس لها أن تعتاش إلاّ على تمرير أكف أغضبها الأقربون قبل الأباعد ، تساءلت في قرارة نفسي ، والألم يعتصر فؤادي :
ـ « كيف لك يا قاسم أن تفعل فعلتك ، أو تقدم على مثلها ، لقد آمّنا بضرورة التنفس تحت سماء واحدة ، فإذا ما أردنا الاقلاع عن التدخين ، أقلعنا سوية ، أليس كذلك؟! أووه! ».
هل كان قاسم يمثل لي ضوء الحلبة التي يتنافس في داخلها المصارعون المهووسون بنتائج نزالاتهم تلك؟ وهل كان وجود قاسم إلى جانبي يمثل لي سلوى تسرّي عن آلامي ومآسي أوجاعي ، أم كان له أن يعبر لي عن دواء