ـ « نسيت أن أسألك .. هل لمثل هذا التكدر الذي يلوح في ظلال نظراتك أن يتصل بشكل أو بآخر بقضية كنت قد سمعت عنها قبل فترة ، ولم أتحقق منها ، بل لا أُريد الخوض فيها أبداً ، ولو أنّي لا أشك بأ نّك ستجبرني على الخوض في مطاوي قضاياها ، وألولوج إلى غيابات مسائلها .. ».
قاطعني :
ـ « وما هي؟ ».
ـ « حركة الوضع .. ».
وعندئذ بادرني بسرعة ، وقاطعني بفنية ماهرة ، وكأنه كان ينتظر مثل هذا السؤال ، وبفارغ من الصبر :
ـ « اتسع نطاق الكذب على اللّه وعلى رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وتلاطمت أمواج الافتراء وتصدر قوم لا أمانة لهم ، ولا دين يردعهم ، ولا عهد لهم بالصدق ، فحدثوا الناس بالأكاذيب ، ونمّقوا وزوروا ، ووضعوا من الأحاديث كيفما شاءت رغباتهم ، إرضاء لسلطان لا يرعى للصدق حرمة ، ولا يرى للدين قيمة ، فدرج الناس على ذلك وتلقنوا تلك الأحاديث بلا تمحيص ولا تتبع ».
ـ « هل تقصد أنّ مثل ذلك ، كان قد حصل في عهد الصحابة؟ ».
ـ « ولا أرُيد أن أتعرض لعهد الصحابة وما حدث فيه من أحاديث ، فإنّ يد الوضاعين انتحلت سلسلة تتصل بهم في الحديث ، لأنّ أصحاب محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم أجلّ قدراً وأعلى منزلة من تعمّد الكذب عليه ، إلاّ من صارعته الدنيا فصرعته ، وباع آخرته بدنياه فكان نصيبه الخسران ، وما هو من مصداق الصحبة في شيء كسمرة بن جندب وغيره ، الذي كان يساومه معاوية في وضع الأحاديث أو تحريف ما أنزل اللّه بمئات من الآلاف من الدنانير كما هو عنه ».