الناس ، حتّى بلغ بهم الأمر إلى وضع الأحاديث بخروج الشيعة عن الإسلام كما أوضحت لك ، وهي تدل بمنطوقها على استباحة دمائهم ومعاملتهم معاملة الكفرة ».
ـ « وقد كان أولئك الدجالون على أنواع في الوضع ، واختلاف في الغاية. فمنهم من يضع الحديث طمعاً في الدنيا وتزلّفاً لولاة الأمر وهم الذين نعبر عنهم بلجنة الوضع ، وأوّل من اتخذ ذلك معاوية بن أبي سفيان » (١).
ـ « وهل كان ثمة وضع للحديث في باب نصرة المذهب الشخصي؟ ».
ـ « وكيف لا؟! فإنّ منهم من كان له أن يضع الحديث في نصرة مذهبه ، وهؤلاء كانوا وما يزالون يرون أنّ الانتصار لمذهبهم ما كان ليمثل إلاّ انتصاراً للحقّ ومقاومة للباطل ، وذلك من بعد أن زيّن لهم الشيطان أعمالهم فراحوا يضربون الأحاديث بمهارة في الضرب ، ويخلقون الحكايات والقصص ».
ـ « وقد وجدت في تلك الموضوعات ما يقارب الأربعمائة في الفضائل والمناقب وفي بعضها أساطير لا أحاديث ، وحكايات يصنعها القصاصون بمهارة ، ويبثونها بين الناس ».
ـ « فمن أعظم تلك الافتعالات هي أُسطورة ابن سبأ .. ».
ـ « أُسطورة ابن سبأ؟ ».
ـ « أجل ، هذه الأسطورة التي ما زالت تحتل مكانتها فوق صفحات التاريخ ، وتأخذ وقتاً من كتاب عصرنا الحاضر. وواللّه ، إنها محنة قاسية لكن كيف المخرج؟ وهل يتسنى لنا تصفية الحساب لنعالج هذه المشاكل؟ كيف وقد
____________
(١) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١١ : ٢٥٨.