نكون قد استقنا عصبياتنا الفانية إلى طرق مسدودة ما كان أساسها إلاّ التعصب لفريق الوطن .. حتّى انسقنا إلى فرق المحافظات ، والمدن ، والأندية المتعددة داخل هذه الأمصار والتحزب للمدن والمحافظات نفسها ، وإثارة النعرات المذهبية من خلال ذلك ، وابراز نقاط الضعف التي يمكن أن يتصف بها أهل فريق تلك المدينة الفائزة ، للنيل من فوزه واحباط كُلّ مساعي ابتهاجه بهذا النصر! حتّى ينجر ذلك إلى طرق متعددة ليس لها من نهاية سوى الانغلاق على النفس المريضة ، ومن ثُمّ الانفجار ، حينما تؤدي إلى طريق مسدودة ، ينحصر فيها المجموع ، حتّى يلهبه الانتظار ، ويضجره الملل من التفكر في سياق واحد ليس إلاّ ، .. حتّى تنفجر نفوس هذا الجمع البشري الهائل ، كما تنفجر الطرق المسدودة ، وذلك بعد أن تؤدي بالآهلين في المساكن والبيوت التي تشرف عليها إلى الفناء والاقتتال! وثانية ، فلماذا نغضب؟ أنغضب لأ نّه لم يتخلّ المنتصر عن مهارته ، أو أنّه جسّد كُلّ قابلياته ، وأظهر كُلّ لياقته ، وأبدع في مختلف الأوضاع حتّى أبرز كُلّ فنونه ، وعرض كُلّ أخلاقياته ، وأبدى كُلّ استعداداته في اللعب .. بينما ما كان كُلّ ذلك إلاّ مدعاة ضرورية ، وسوقاً ملحاً يدعو بكُلّ من يبصر مثل هذه الحقائق ، إلى التعجب والانشداه ، ذلك أنّه قد اطلع إلى قدرات ومهارات مثل هذا الفريق ، وإنّ مثل ذلك هو خليق به أن يدعه يتطلع إلى أن يكون لفريقه من هذه المهارات حظ ونصيب! لا أن يحسده ، فيترجم حسده إلى مظاهر من العنف والصخب والحقد الضروس ، لتنقلب أثار كُلّ ذلك إلى ألوان من الفوضى الشخصية ، وأشكال من الهوس العام ، لتنحسر أضواء هذه الانغمارات الفارهة عن غضبة شيطانية مهووسة ، ولعنة إبليسية موبوءة؟!