خلّه الذي جعل يسقيني الزعاف من حموضته التي ظلت تصادر على مكابدة معدتي لها ، واحتراق جوفي ، وتغضّن بشرتي ، واختلاف قسماتي وانقلاب رسمي ، وانسلاخ محياي الذي ظل يعايش الكبت والغثيان من مجرد التفكير بشيء اسمه التشيع. لماذا؟ لأ نّي ما كنت لأسمع عنهم ، ولا عن اعتقاداتهم إلاّ ما يسيء إليهم ويزري بها! وما كنت لأُبحر في خضم تيارات عقائدهم أو أركب كتف أمواج تعاليمهم الدينية والهج بالسقاية من ركب معالمهم الشرعية وأفانينهم القدسية .. فلا أطري ، ولا أبالغ ، بل لا أراهن ولا أغبن .. إنّما الحقيقة هي التي غدت رائجة ، ترعف بكل غيثها المسموم وريعها الزعاف ، كأنّ المطر قد غدا قانياً ، ولون السحاب قد صار داجياً ، وألوان الذهب قد انقلبت صاغرة ، وهي تنكب على الولوع في احتساء ما تبقى من كأس أيامي المرهقة دون انقضاء ولا ملل. فهل يمكنني أن أشعر بالندم على ما ضيعته في أمسي وكُلّ ما انقضى من وطر في البارحة من الزمان ، أو ما زهدت به في أُمي ، إذ لم أكن أتوسل بأحدهم ، كيما يجيبني على أسئلتي ، وكيف لي أن أسائلهم ، وهم الذين ظلوا يجهلون كُلّ ما يمور في عقول وفكر علماء الشيعة. بل ما يجول في مخيلة وصدور أقل الشيعة قدراً ومستوى .. بل عوام الشيعة! لأ نّا جميعاً كنّا وما زلنا ، نلهو بين أعطاف الحياة ، ونبذل أثمن الأوقات في سبيل اجتلاب أرخص معادن النزهات ومقامات السعادة .. ولو كان في رحالنا الشيء عنهم ، فإنّه ما كان ينقضي إلاّ بالتندر على تعاليمهم والازدراء لعقائدهم ، فضلاً عن امتهان مشاربهم الدينية وصولاً إلى الطريف من القول والاستمتاع بنوادر ما يحكى عنهم ، عبوراً إلى الظريف من الاشاحة بالوجوه عن كُلّ ما يرن جَرْسه طبقاً لهذه الألحان الشيعية أو يتناسب ذوقه مع نزعات تلك الضروب من