الصنوج العاتية ..
ولو كنا قد منحنا ثنتين من الأخوات لاثنين من الأُخوة الشيعة ، فإنّه ما كان لنا أن نشغل أوقاتنا ، ولا نتعب أفكارنا ، ولا للحظة واحدة ، في اسهاب الحديث ، ونأخذ بأطرافه ونعمل على مجاذبتهم ألوانه أو التعرف على نوع عقائدهم ، ولون تلك المساحيق والمعاجين التي تنضح بها معالم مذهبهم وروح عقيدتهم .. بل إنّهما هما الآخران كانا في شغل شاغل عن مثل هذا الحديث حتّى صرت أدور في حلقة قادتني بالتالي إلى الوقوع على دائرة أسباب تردي أوضاع الشيعة وانقلاب أحوالهم مع أنّهم ينطوون ـ وبتصورهم ـ على أعظم العقائد الدينية في العالم ، ذلك أنّهم ضنّوا بما لديهم على الآخرين ، بل إنّهم زهدوا بما احتوته نفوسهم ، وضمته خلائجهم على أنفسهم ، وفلذات أكبادهم حتّى جعلت أرواحهم تفارق لسعة الاتّقاد المذهبية ، لتختلط بعدئذ بمباهج الحياة ومتارف الدنيا المزدهية بالألوان الخلابة ، وأفنان الفنون الجذابة التي بدت أنّها تُنسي الكثير منهم وزن المهام الملقاة على عواتقهم في إعلاء الرسالة المحمدية الأصيلة.
ولو يسمعني أحدهم أحكي بهذا ، لقال عني أنّي قد ولدت شيعياً ، أباً عن جد ، ولست سنّياً ، بل لست أتعبد على نسج المذهب الحنفي والذي ما كنت لأعلم أنّي أتعبد على سياقه ، واستقي من تعاليمه إلاّ بصورة غير مباشرة ، بل إنّي أذكر عن تعاليم وقواعد مذهب أبي حنفية إلاّ ما كنت أجد أبي يفعله حتّى صرت إلى تقليده ، ومن دون مراجعة رسالته أو شيئاً ممّا كُتِبَ عنه أو نُقل ، ولم أجشّم النفس ولا حتى التعرف على حياته أو أعليمته. وكان هذا كُلّه يشككني في طبيعة الدين وثقل تعاليمه على العقل ، وقلة نبوغ علمائه ، وعدم