جدوى تحركاتهم من أجل إثبات أنّهم قادرون على إدارة زمام أُمور الدولة ، وتولي المناصب الحكومية واعتلاء دفة الحكم والتربع على سدّته .. كنت أشك في اقتدارهم ، لا يخالجني أيّما تفكير في مقدرتهم وعنفوان صلابتهم .. لذلك كنت أجد نفسي في غنى عن تعاليم نفس مذهبي ، أو بالأحرى ما كنت أدري بضرورة تقليد أحد أصحاب هذه المذاهب. بل كنت أتعبد على ما أجده لدى أبي وإخوتي حتّى إنّي ما كنت أرى الإسلام ليعدو فهم معانيه أكثر من نيل هذا الحظ اليسير وحسب! أما المذاهب فهي الدين وحده وليس سوى الدين أي دين يعلو اختلاف الرأي في حناياه أو تصطفق أبواب الافتراق في الفتوى ما بين مصاريع بواباته ومطاوي عضادات دعاماته .. فإذا كنت أجدني أقف حيال ديني مثل هذا الموقف ، فما كان ليراني أدهش أي شخص ، وذلك حينما يلفيني لا أحفظ عن الشيعة ، إلاّ ما يعلق في مخيلتي من صور رهيبة ومحجة ليس إلاّ .. كأنّي لا أحمل منهم سوى التنفر من وجوداتهم ووجوههم ، وطريقة معيشتهم ، وكيفيات عباداتهم وألوان طقوسهم ومناسك أيامهم ، ورحلات مجالسهم ، وأصوات مناقبهم وكبحات مثالبهم.
كنت لا أعلم سوى أنّي أحيا في ظل حياة تنتظر منّي المزيد من تقضّي الأيام حتّى تكشف عن جدوى الانتظار وحب القيلولة المتمرس على مغالبة ضروب النعاس ، وصنوف الوسن الحاد .. لذلك كدت أصير إلى ضفاف مذهبي من فلسفة ديني. ، فكيف لا أقف ولأعتى وأقوى من هذا ، حيال مذهب الشيعة حتّى أواكب مسيرة أمواج المياه الضحلة عند الشواطئ والضفاف الراجفة بلسعات المدّ والجزر ليس إلاّ .. فأما الابحار في معاني المذهب الحنفي والغوص في عباب مياه المذهب الشيعي واستخراج لآلئه ، واستنفاد خرائده.