فهو ما كان يجديني أيّما نفع ، لأ نّي ما كنت قد وقفت على أُضحية التعلّق بأهداب الدين كُلّ هذا التعلق ، ولو كنت أحس أنّي في قبالة تعاليمه منتظماً كالعقد في الجيد ، والحبة في السلسلة ، متوالياً مع النظم الأعرافية ، ولو كان لي أن أشذ عن تقبّل الكثير مما له أن يندرج في المحرمات حتّى كأنّي أشبّ عن طوقها دون المراعاة لها ، وأنا أصير إلى الجذلان أقرب مني إلى التعبان الذي له أن يعاني من غبن الأيام وعقد الزمان البالي ، والمتراكمة في محو ظهيرته كُلّ ازدراء للتعاليم التي كنت لا أشك أنّها تنبت في صدري كيراع الشوك المتقافز إلى عين المرء دون سواها من أعضاء بدنه. كنت لا ألوي على شيء سوى تنكب زمان الحرية دون أيّما قيد ووازع ديني. فكيف كان لي أن أركن إلى تفصيل المذاهب السنية ، أو كان لأحدهم أن ينبهني إلى طرائق الدين ووحي المذهب الشيعي الذي ما كنت أسمع عنه إلاّ باسم المذهب الجعفري ، وما كنت أتصور أصحابه إلاّ متزمتين ، أكثر مما أجد أصحابنا يُشعرون المرء بروح التزمت القاهر والتعصب القاتل! حتّى إن أحدنا ليستشعر التقزز من وحي الدين أصلاً ، وكأ نّي كنت أحيا في عهود متناقضة ، تحتلب ألوان السقيم من دون أن أجرأ على محاسبة نفسي واستجوابها .. كيف لي أن أعيش ، هل أعيش في خضم دين ، يفرض عناوين القاءاته عليّ ، ويرسم وجوه علائقه في أطياف مقلتي حتّى يترعهما بالانقياد لكُلّ ما أعلن عنه ، والاستباق صوب كُلّ ما ثابر لأجله ، والانصياع لكُلّ ما جاء به؟ وما كان لمثلي أن يقارن بين النعم التي غدا يجدها تتقلب هي بين أذرعه ( ومن قبل أن يتقلب بين طياتها ، ويتقافز بين مطاويها .. ) وبين مصاديقها الدينية ومطلقاتها الشرعية ، هل هي وفيما لو عرضت على عقائد الدين ، وتعاليم الشرع ، ستخضع إلى الاختيار والفحص