ضمن الافعال التي ليس لها أن تغضب الربّ ، وتثير حفيظة أملاك السماء ، لأنّ للحاكم المسلم مطلق الصلاحية في التصرف بأحوال رعيته ، والتحكم بسائر شؤون أفراد شعبه ، وليس لعوام الجمهور إلاّ أن يتحلقوا حول تعاليمه ، وينطقوا بما يقول ويردد ، من بعد أن يقبلوا بها كما يقبلوا بمتن ونصوص المعصومين من الرسل والأنبياء .. فضلاً عن الإذعان لمقالاته. كما تدغن قلوبهم إلى كلام الخالق وآيات قرآنه ..
إذن فما كان لي أن أقف موقف الباحث عن أُسس دينه ، ويتحقق من صحتها ، فلقد تكفل بها الآباء عنّا ، ولو أنا لم نكن نمنّي النفس في سؤالهم عن ذلك ، أو نكلف الرأس عناء الاستفهام عن ذلك ، لأنا كنّا نحس أنّهم يشاهدون علماء مذهبنا ، وما كان من أولئك إلاّ أن يتنكبوا كُلّ المعاجم والمراجع الكتبية ، ولا ينطقون على المنابر العالية إلاّ بما حفلت به صدور آبائنا ، وحفظته أذهانهم ، عن ظهر قلب ، من كُلّ ما وجدوه محفوراً في الكتب .. فما كان لنا بالتالي أن نلفي أيّما ضرورة تنبلج لزهوات أرواحنا حتّى تصارعنا وتستاقنا إلى ضرورة التنقيب عن كُلّ شيء والكشف والبحث في كُلّ ما أودع وفات الكتب ورصّت حروفه في داخل صحائفها ، وانتعشت عبائره بين أسطر مخضرمة في ألوان طباعاتها القديمة والجديدة ، عبقة بكُلّ أفانين الروايات التي كنت أخالها مقدسة. وما كان لنا إلاّ أن نتعقب ، وكما له أن يحصل لأبي كذلك حين يكون له أن يتفحصه من أحاديث الدعاء وطلب الرزق ، وروايات الأخلاق في بعض الكتب التي كان قد ابتاعها بطريق الصدفة ، أو أتفق لنا أن حصلنا عليها كهدية كنا قد تلقيناها من أحدهم ، أو جعلنا أطراف الحظر تنال منها ما يناله منها غيرنا حينما يبتاعها رغماً عنه ، وذلك عندما تركبه لحاظ