القلقة .. ما يمكن له أن يترجم مثل هذا ، أو ينمّ عليه!
بل لم يكن بوسعي أن أتميز لون مذهبي .. إنّما كنت أتعبد ، ولم يكن أحد ليسألني ما هو مذهبك؟ .. ولو كنت أقول شافعي أنا ، أو حنفي أنا ، أو مالكي كنت ، أو حتّى حنبلي! لما كان لأيّما أحد أن يرشقني بوابل من ألحاظ الشزر وألوان الامتهان ، أو أن يمطرني بصبٍّ من نظرات الويل والأسف والتي لها أن تتبعها أكوار من فوهات الحمم الناضحة بسحب البركان ومواد الانفجار ، لا تضوع إلاّ بلغة ملؤها الحرمان ، سادرة في غيٍّ جملة من الحماقات ، هي ليس لها أن تنتهي حتّى ينتهي يوما الدهر ، ويؤوب الناس أجمع إلى لذعة الحمام .. بينما لو نطقت بالجعفري أو الشيعي ، لكانت أعين القوم تدور حزناً وأسىً ، وكأ نّها لتبعث على ذكر الموت ، وهل هو شيء أعز عند اللّه من ذكر الموت الذي يدع النفس تؤوب إلى بارئها ، وتثوب إلى خالقها ، وذلك ريثما تعود إلى رشدها ، فتستفيق وهي لما تنهل كُلّ ما أرادت نهله ، آسفة على ما ضيعته من سنّي عمرها ، وطحنته في بيداء ، كانت قد خالتها غياضاً غنّاء ، بيد أنّها ما كانت لتتكشف لها حالئذ وعند مطارف الموت ، إلاّ بيداء قفرة ، خلو من أهلها ، مدقعة من أيّما لون حياة ، قد استلّها الفقر كُلّ ألوان الحياة حتّى استحالت جدباء غبراء ، مكلومة من شدة الجراح الموغرة في جسدها ، سقيمة من قوة الآلام البغيضة.
ولكن ، كلمة إمام ، هذه الكلمة ، كيف عدت استقي من وحي مناقشاتي ، إذ أثارتني حينما عرضت بها على صاحبي في الجامعة عبد الرزاق حتّى أقر معتقداً بامامة علي بن أبي طالب .. فعدت الآن أسائل نفسي :
ـ « فكيف لا يغدو كذلك ، ونحن قد جعلنا من رؤساء المذاهب أجمع