مذهبي الذين لا أتشرف بلقياهم الآن البتة ، طلبت من اللّه النصرة ، وعزمت على أن اقرأ لوحدي وبنفسي ، فأنا العالم وأنا القارئ ، وأنا الباحث ، دون الحاجة إلى إرشاد الآخرين. فلا أنتظر الموت يأتيني تزورني رحائله ، وأنا لم أرس بسنين ، ولم ألق بمرساتها إلى ضفاف السواحل المغرقة بالنعاس والمثقلة بأحلام البحارة القدماء .. مبرراً مثل هذا ، ومعللا أنفاسي باعذار هي أوهن من خاتمتها وهي أنّه يجب أن القى علماء مذهبي وأسألهم لأنّ اللّه أمرني : ( فاسألوا أهل الذكر ان كنتم لا تعلمون ) .. فمع أنّ هذا الحال هو لا يعدو الأمر الإلهي إلاّ أن لكُلّ حالة شرط وشروط ، ولكُلّ مقام مقال.
فما كان هذا كُلّه ، إلاّ ليستاق رحى أيامي نحو قطر سام ، كيما أغرزه في وقعة تبيح لي أن استرق الفرص الغنيمة ، كيما أسأل أهل الذكر من فوهات عيون الكتب وأُمهات المجلدات والمعاجم ، لاصير بعدها إلى سؤال القلب الأمُ الذي وضعه اللّه إماماً على سائر جوارحي .. حيث ما زالت عالقة في بالي هذه الرواية التي ظللت أتأمل عندها عشرات المرات ، وأنا أسائل الفؤاد علّني أبصر ما لا يبصره ملايين الناس من هؤلاء البشر .. فما كان لينتابني أيّما ذعر لاستشياع الآخرين من أصحابي أو بقاء العديدين على مذهبهم. إذ خلت أن المجد لا يزحزح طود نصبه ، ولا يهزهز عروش أركانه إلاّ فيحاء الرقيّاء وميساء الافاحي والعوذات التي لا يختلس مهلة النهوض بها إلاّ قلب شرح اللّه صدره للإسلام. فما يضير بالمرء أن يتعرف على ما لدى الشيعة ، ويدرس ما يجده عندهم ، ، ويطلع على عقائدهم وتعاليمهم. وبذلك سيتم له أن يدرس قواعد وأُسس دينه هو الآخر ، كالذي جعل يحيط عربته التي تقلّه بكُلّ مراقبات النظر والفحص بعجلاتها وماكنتها ومحركها ، وتفقد زيتها ونفطها