محمّد بن عبد اللّه ، مما له أن يندرج في سيل الطاعات ، ولا ينجرف نحو مشارف المعاصي وحافات الهاوية .. حيث إن حالي جعل يصرح لي بعيون وجلة ، كُلّ ما كان للوحي الروحي ان ينطق به ويقوله ، ويحدث به ، .. وأنا الذي ما زلت أُحاول تسلق جبل عاتي ، لكيما يتسنى لي معرفة آمالي بحق ، وحقيقة! أهو أبو بكر؟ أم علي؟ أم كلاهما! أم الخلفاء الراشدون أجمع؟ وهل أن الأصح هو اتباع أبي حنيفة ، أو الشافعي أو ابن حنبل أو مالك ، أم جعفر الصادق؟! .. وإن أخترت أحدهم ، فما الذي سيصير إليه مصير تلك الأزمنة التي حكمتها البلاد ، وفي عهود كلٌّ من حكام بني أمية وبني العباس؟! أيمكن أن يكونوا على حق؟ ولِمَ لم يأتِ أبو حنيفة في زمان أبي بكر ، ولو فعل ، ما كان ليقوله له أبو بكر نفسه؟ وهل كان الزمان الذي سبق وجود الأئمة خلواً من التقليد؟ ولو كان لأحدهم أن يعتريني بفصيح القول إن الخلفاء كانوا يعوضون عنهم ، فهل أن معاوية بن أبي سفيان ، كان قد أعرض عنهم حين حكمه هو الآخر ، وهو الذي جعل حكومته قيصرية يورّثها أولاده بعد أن يغير على حدود العراق ، ويقتل الاطفال ، ويسبي النساء ، ويهتك حرمات المسلمين .. ويغزو كما كان يغزو أبوه وأجداده من قبل في أيام الجاهلية ، فيذر البقاع عاليها سافلها ، ويدع المضارب بلقعاً قفراً من سكانها ، هشيماً تذروه الرياح حتّى إذا ما استتب الحكم لولده يزيد ، جعل الأخير يتمرن على كيفية حصاد الرؤوس البشرية ، وفري الاوداج ، وحز أعناق كُلّ فلذة وفلذة لكبد رسول اللّه التي ما ذلّ العالمين لحكمه إلاّ عن طريق إيمانهم بما جاء به!
ولما كان الزمان في عصور بني أمية ، يخلو من أئمة المذاهب هؤلاء .. حتّى إذا ما أتى حكم العباسيين ، جعل الدهر يفصح عن حاجته إلى أئمة .. ينشغل