الرسول ، فما كان الرسول إلاّ الحاكم الشرعي .. والخليفة العام المتسلط على شؤون الدولة الإسلامية ، وإذا سلمنا بشرعية الخلافة الإسلامية ، فما كان المرجع آنذاك إلاّ الخليفة .. لكنا نلحظ بأن الخليفة ما كان يمثل المرجعية آنذاك .. لأنّ الخليفة أبو بكر والخليفة الثاني عمر بن الخطاب ما كانا ليعبرا عن نفسيهما بذلك حتّى كان للآخير أن يعبر عن حاجته إلى مرجع .. وما كان هذا إلاّ علياً .. فقال : لولا علي لهلك عمر! إن هذه المسألة تحتاج إلى توقف عظيم ، لأنّ الخليفة الحق يجب أن يلم بمسائل السياسة والدين جامعة.
ولي أن اتساءل ثانية : فهل كان الفتح العباسي يفرض صنع أئمة يتعبد الناس طبقاً لفتاويهم؟ وهل أن الفتح الأموي ما كان يستلزم صنع مثل هؤلاء؟! وهل كان الاختلاف يدعو إلى التعبد على فقه إمام من هؤلاء الأئمة الأربعة دون آخر؟ وكيف استدعى ظهور الشافعي وأبي حنيفة ، وبروز المالكي والحنبلي دون غيرهم من أصحاب المذاهب؟ ولماذا كان ثمة اختلاف بين هؤلاء الأربعة ، ان كان لهم أن ينهلوا من دين واحد؟ وإن رفع هذا الاختلاف ، فما كان ثمة من داع يبرر الانتقال من مذهب إلى آخر ، في داخل نطاق هؤلاء الأربعة .. وإن لم يرفع مثل هذا الاختلاف ، فإنّه يمكن أن ينتزع نوع تبرير هو أصعب من كُلّ ما يمكن تصوره ، وهو أنّه ما كان مثل هؤلاء إلاّ مجتهدين .. وعليه ، فلماذا لا ينضم اليهم جعفر الصادق ، وهو الأولى ، لأ نّه ابن رسول اللّه ، وعليه ، فما كان تقدمّه وتؤخره إلاّ السياسة ، لأ نّه ما كان ليركن إلى أصحابها قط ( حتّى ولو كان لأصحاب المذاهب من له أن لا يركن إلى السياسة في بعض الأحيان ، فإنّهم لربما كانوا ورقة ممتازة أحسن العباسيون توظيفها ضد الشيعة والاستفادة منها لتمشية أُمورهم ودحر مناوئيهم ) وليس للمعايير الكونية