ـ « أفِدني بالنصوص؟ ».
ـ « لقد قال اللّه عزّ وجلّ مخاطباً نبيه الكريم : ( كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ ) (١). فهل كانت أم المؤمنين تراه (ص) ، لكتاب اللّه مخالفاً؟ وعن أحكامه صادفاً؟ معاذ اللّه وحاشا للّه ، بل كانت تراه يقتفي أثره ، ويتبع سوره ، سبّاقاً إلى التعبد بأوامره ونواهيه ، بالغاً كُلّ غاية عن غايات التعبد بجميع ما فيه ، ولا أشك في أنّها سمعته يقول : ما حق إمرئ مسلم له شيء يوصي فيه أن يبيت ليلتين إلاّ ووصيته مكتوبة عنده ».
ـ «؟!».
ـ « ولا كأن أم المؤمنين كانت قد سمعت نحواً من هذا .. فإنّ أوامره الشديدة بالوصية مما لا ريب في صدوره منه ، ولا يجوز عليه ولا على غيره من الأنبياء صلوات اللّه عليهم أجمعين أن يأمروا بالشيء ثُمّ لا يأتمرون به ، أو يزجروا عن الشيء ثُمّ لا ينزجرون عنه ، تعالى اللّه عن إرسال من هذا شأنه علواً كبيراً ».
ـ « وهل تعني من هذا كُلّه أن رسول اللّه كان بحاجة إلى وصي؟ ».
ـ « لقد ترك رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم من الأشياء المستوجبة للوصية ما لم يتركه أحد من العالمين ، وحسبك أنّه تبرك بدين اللّه القويم في بدء فطرته وأول نشأته ، ولهو أحوج إلى الوصي من الذهب والفضة ، والدار والعقار ، والحرث والأنعام ، وإن الأُمّة بأسرها ليتاماه وأياماه المضطرون إلى وصيه ليقوم مقامه في ولاية أمورهم ، وإدارة شؤونهم الدينية والدنيوية ».
ـ « إذن .. فإنّك تدّعي استحالة وقوع مثل هذا الأمر؟ ».
____________
(١) البقرة : ١٨٠.