قلت عندها :
ـ « حتماً إنّي لا أجوّز مثل ذلك أبداً ».
قالت ، وهي تستدرك كلامها بدفق رضى ، ممزوج بشيء من الألم ، لربما استشعرتُه لاذعاً في بعض الأحيان :
ـ « .. إلى تبيين شيء بيّن ، لا يحتاج إلى بيان ، وتوضيح أمر واضح بحكم الوجدان والعيان. ولا شك أنك تنزه أفعاله وأقواله عن أن تزدري بها العقلاء ، أو ينتقدها الفلاسفة والحكماء ».
ـ « صحيح بالضبط ، ولكن! ».
ـ « .. بل لا ريب في أنّكم تعرفون مكانة قوله وفعله من الحكمة والعصمة ، وقد قال اللّه تعالى : ( إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُول كَرِيم * ذِي قُوَّة عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِين * مُطاع ثَمَّ أَمِين * وَما صاحِبُكُمْ بِمَجْنُون ). فيهتم بتوضيح الواضحات ، وتبيين ما هو بحكم البديهيات ، ويقدم لتوضيح هذا الواضح مقدمات أجنبية ، لا ربط له بها ولا دخل لها فيه. تعالى اللّه عن ذلك ورسوله علواً كبيراً ».
ـ « أؤيد هذا الكلام! وأن هذا لا يناسب المقام الإلهي ولا المقام الرسالي ، ولكنه أمر مثير حقاً .. ».
ـ « إنّك لتعلم أنّ الذي يناسب مقامه في ذلك الهجير ، ويليق بأفعاله وأقواله يوم الغدير ، إنّما هو تبليغ عهده ، وتعيين القائم مقامه من بعده ، والقرائن اللفظية ، والادلة العقلية ، توجب القطع الثابت الجازم بأ نّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ما أراد يومئذ إلاّ تعيين علي ولياً لعهده ، وقائماً مقامه من بعده ، فالحديث مع ما قد حفّ به من القرائن نصّ جلي .. ».
أقسم باللّه إنّي كنت أعتقد لحظتها بصدق هذه الكلمات ، ولكنّي لا أدري ما الذي حصل وأحالني إلى البحث عن حلول لمسائل أُخرى تتعلّق