ـ « ذلك أن حالهم ، وحينما وجدوا بين أيديهم من الأدلة والبراهين التي زوّدهم بها آباؤهم وأجدادهم ، كان ينطبق على حال التلميذ النبيه الذي حصل على معلومات كافية للدخول إلى قاعة الامتحان ، والإجابة وبكُلّ بساطة حتّى إذا ما سوئلوا في الحياة الدنيا قبل حساب البرزخ ، في ظلمات القيامة الصغري ، كان لهم أن يضيؤوا دياجيها بفنون العلوم والإجابات ، ما كان قد أتحفهم به آباؤهم وأجدادهم من قبل .. غير انّا لسنا كذلك ، فإن أدلتنا ضعفية ، وما بين أيدينا مما خلّفه لنا آباؤنا وأجدادنا ، ليس له أن يسمى إرثاً عظيماً ، ولا حتّى أن يسمى بالارث ، لأ نّه لا يسدّ جوعتنا ، ولا يطفئ ظمأنا ، ولا يغني من جوع .. حالنا كحال الطالب الذي لم يدرس درسه ، ولم يحضر لاداء الامتحان ، فإنه لما سيلج قاعة الامتحان ، فما كان سيكون عليه بالميسور الإجابة ، ولو تيسر له الاضطلاع بها ، فما كان له أن يجيب إلاّ إجابات مغلوطة ، لا يقنع بها المنكر والنكير في قيامة البرزخ. ولذا كان حالهم ومن ناحية ، كحال القمر ، حينما لا يحتاجون إلى تقصّي أسباب الحقائق إلاّ بنسبة ٧% ، اسقاطاً للتكليف ، ذلك .. إنّ الحقائق قائمة بين أيديهم وبالكامل! مثبتة ، واقعة! كما هو ثابت قرص الشمس واضح شعاعها للعيان ، كذلك كان حالهم ، ومن ناحية أُخرى ، كان كالأرض التي لا نبصرها نحن ، بينما يبصرونها هم! ذلك أن مقدار الضوء الذي يعكسونه حال كونهم كالقمر يعادل مقدار الضوء الذي تعكسه الأرض ، لأ نّهم كانوا في غنىً عن العناء الذي نطوي نحن الطريق من خلاله حتّى يجب أن نعكس مقدار ما تعكسه الأرض من الضياء ، لنعدل ما يعكسونه هم من ضياء القمر الذي لا يعكس سوى ٧% ».
ـ « وهل تقول إنّهم يفهمون أكثر منا .. ».