تعتريني ازاء كلام نبيل وأسلوبه ، فضلاً عن أسلوبي أن الآخر حياله ، فإذا بي أجد نبيل ييمّم بوجهته صوبي .. وذلك لما رأى مازن قد تحلّق حولي حتّى جعل يحاذيني ، وكأنه عرف الموضوع الذي يريد مازن أن يطرحه بين يدي .. ولذلك ، أراد أن يؤكد حصيلة مازن ، ويكرر كلامه ، بل لما سيكون هو الآخر وراء مثل هذا الموضوع. فإن بوسع ذهنه أن يخمن أين سأنصاع أكثر ، وسيضع مثل هذا التحذير ، صنعه في نفسي ، وبذلك أكون قد نأيت بنفسي عن التفكير بمثل هذه الترهات ( حسب ما يظنون وصدق ظني ) فاجأني مازن بالقول :
ـ « إني ما كنت أظنه ( قاسم ) ليجرؤ ذات يوم على الاقدام على مثل هذه الترهات .. ».
وهنا صارعت نفسي ، فلم أجدها هذه المرة ، تتمثل حتّى انفجرت بكُلّ ما وسعني المجال خلاله أن أضحك .. وعندها بدأ يفتح قلبه لي حتّى شعرت بأن ضحكتي هذه قد آتت أكلها ، وصنعت صنعها ، إذا ما اطلقتها حتّى كنت أرى مازن ، قد انفتحت قريحته للكلام ، وهو يعبر عن حزنه الغالب ، وبؤسه الشاحب ، وكأني قد شاطرته في مجال التعبير عنه ، وهو يقول :
ـ « أجل ، فإنه ليستحق الضحك بدلاً من الشعور بالأسى ، لأنّ شرّ المصائب ما يضحك ، وما أراك إلاّ انك أنت الآخر ، لا بدّ وان كنت قد استغربت منه مثل هذا الصنيع. فقاسم الذي كان يقول إنّ هؤلاء مزقوا حتّى الصلاة ، وأرادوا أن يتخلصوا من عنائها ، فجعلوا يصلوها مجموعة ، كيما ينتهوا منها ويستريحوا ، فيصلوا الظهر والعصر معاً ، والمغرب والعشاء كذلك ».
ـ « وهذا الأفضل ، أليس كذلك؟! ».
وما كنت لأفوه بذلك حتّى رماني بنظرات شزراء ، وكأن الشرر قد جعل