وعندها ابتسمت وقلت له :
ـ « استمع إلى ما أقوله لك : قال ابن الأثير في تفسير هذا الحديث ( الحديث الخاص بعمر ) من نهايته ، تغرة ، مصدر غررته إذا ألقيته في الغرر ، وهي من التغرير كالتعلة من التعليل ، وفي الكلام مضاف محذوف تقديره خوف تغرة أن يقتلا ، أي خوف وقوعهما في القتل ، فحذف المضاف الذي هو الخوف ، وأقام المضاف إليه الذي هو تغفرة مقامه ، وانتصب على أنّه مفعول له ، ويجوز أن يكون قوله إن يقتلا بدلاً من تغرة ، ويكون المضاف إليه محذوفاً كالأول ، ومن أضاف تغرة إلى أن يقتلا فمعناه خوف تغرة قتلهما ».
ـ « ما معنى ما تقول؟ ».
ـ « .. ( قال ) ومعنى الحديث : إن البيعة حقها أن تقع صادرة عن المشورة والاتفاق ، فإذا استبد رجلان دون الجماعة فبايع أحدهما الآخر ، فذلك تظاهر منهما بشق العصا واطراح الجماعة ، فإن عقد لأحد بيعة فلا يكون المعقود له واحداً منهما وليكونا معزولين من الطائفة التي تتفق على تمييز الإمام منها ، لأ نّه إن عقد لواحد منهما وقد ارتكبا تلك الفعلة الشنيعة التي احفظت الجماعة من التهاون بهم والاستغناء عن رأيهم ، لم يؤمن أن يقتلا ».
ـ «؟!».
بينما عدت إليهما ، وأنا أقول :
ـ « أما أنا فأقول : كان من مقتضيات العدل الذي وصف به عمر أن يحكم بهذا الحكم على نفسه وعلى صاحبه كما حكم به على الغير ، وكان قد سبق منه ـ قبل قيامه بهذه الخطبة ـ أن قال : إن بيعة أبي بكر فلتة وقى اللّه شرها ، فمن عاد إلى مثلها فأقتلوه ، واشتهرت هذه الكلمة عنه أي اشتهار ونقلها عنه