البعيد .. وهذا الأخير بوسعه أن يورثني مزيداً من الصحة والعافية .. ربما ذقت مرارتها أخيراً ، فوجدتها الواناً من الكذب ، وذلك حالما فطنت إلى حقيقة مفادها أن اللّه لو ارجعني إلى مثل تلك الأيام ، فهل كنت سأشعر آنذاك بسعادة غامرة ، أو إنّي سأحسد نفسي على حظها غير العاثر ، أو إنّي سأطلب من اللّه أن يحملني ثانية إلى المستقبل .. وينتشلني من وهدات هذا الماضي البائس بأضوائه الخافتة والباهتة.
كما أن قاسماً ما كان ليتوانى في عقد تلك المناظرات التي كنا قد اتفقنا على عقدها والتي ما كانت لتتناول سوى ما كنت قد صادرت عليه مسبقاً .. وهذا هو نفسه كان قد أثار عقلية قاسم هو بالذات ، وهو الذي كان يجدني أكثر صرامة من غيري من إخواننا أهل السنة. بل إنّه كان يتطلع اليّ ، كما لو كان يتطلع إلى أحد الشيعة المخلصين! وفي ذات يوم ، ومن بعد أن أشعرني بأنّ العلاقة التي تربط بينه وبين خطيبته التي خلّفها في أرض الوطن هناك .. ما زالت قائمة! إلاّ انّه لا يطمح إلى سياسة الاستنزاف التي ربما استنزفت عمر الفتاة من دون أن تترك أيّما طائل تحتها .. لذلك ، فإنه كان يجدّ في التفكير ، لاجل الخروج إلى صورة حل ترضي اللّه ورسوله .. سعى إلى الاقدام على العمل بها ، حالما تتوافر له الظروف المؤاتية .. كنت قد صرت إلى الحديث و .. فقلت له :
ـ « إني كنت قد تشيّعت منذ زمان بعيد .. إلاّ أنّي ما كنت لاجسر على انتزاع هذا الجلد الذي يحيط بجسدي ، أو أن أخرج من شرنقتي ، فانسل منها دون أيّما أذي ، أو ألم ربما أورثني في عقبه آلاماً مبرّحة ، لا تنطوي معضلاتها مدى الأيام .. كمن لا يستأصل جسماً ما حتّى يضحي بعضو منه .. وذلك كيما