محرق ، إنّي أشعر بالوحدة ، إنّها مرض لا يطاق ، إنّها حالة يرثي لها صاحبها .. ولكني سعيت إلى الاستعانة باللّه كيما يساعدني على تحملها ، والخروج من هذه المحنة بأفضل نتيجة ، يمكن أن يبشر اللّه بها الصالحين من عباده في الدنيا والآخرة ..
كنت أفكر أنّها لماذا عندما نختار شريكات أعمارنا ، ونقرّر أمر زيجاتنا ، فإنّا لا ندع لأحد أيّما فرصة كيما يغمرنا بفيض آرائه ، ويقتحم علينا خلواتنا ، نحسب أنّه يضايقنا بنظراته ، حتّى إنّا سنباغته ونعاجله في حينها ، ونخبره بأ نّا قد غدونا أحراراً ، ولسنا نذعن لأيما مراد أُسَري أو غاية عائلية. وأنّ ما نقرره في أمر الزواج هو أمر يتعلق بنا وحدنا ، لأ نّا لا نرتضي أن نخضع إلى اختيارات الآراء في ابنة العم وابنة الخال وغيرها ، ونتزوج من هذه دون تلك وأن أنصرف عن هذه المرأة ، وأبتعد عن تلك الزيجة ، وعليك بفلانة ، وانكح ابنة فلان ، وتزوج من تلك! ولئن لم تقلع لنرجمنّك واهجرنا ملياً .. فما كان إبراهيم ينتظر رأي أبيه العرفي آزر الذي كان يمثل عمّه نسبياً ، حتّى يقرر الإذعان لمن خلقه وخلق أباه كذلك والخلق أجمعين من قبل. ولا كان للسحرة كذلك أن يستأذنوا فرعون في الإعلان عن إيمانهم لموسى ، لأن كلمة الحق أمر ناصلٌ ، ليس من ثبات عندها إلاّ لكوكبة شعاعاتها وخضراء أفلاكها القويمة .. ولا ينتظر بعدها من أيّما امرئ أن يتعرض إلى هجمات الأعداء وسطو الغازين وضرب المعتدين الذين يحملون عليه في حريم ضياعه ، يباغتونه في عقر داره ، يريدون قتله ، وانتهاك حرماته ، وسلبه كُلّ ما يملك حتّى نفسه ونفوس من هم تحته إلاّ أن يهب مذعناً لنداء الجهاد ، ملبياً عنوان الإرادة الحقة التي تسحق كُلّ جبن أبكم وتخرس كُلّ ضعف ووهن في نفسه ، حتّى يهب صارخاً